تتناولهم أدلة قبول الآحاد، فهذا تفريط وإفراط! يترك أبا حنيفة ومحمد بن الحسن وابن إسحاق وداود الظاهري، ومنهم من أذعن له الناس في المغازي ومنهم من تبعه شطر أهل البسيطة ثم يروي عن مستور لا يعلم من هو ولا ما هو.
وليس مرادنا الحط من الصحيحين، ولكن ليعلم أن الخلاف دخلت مفسدته في كل شعب، فهذا هو ما نحن بصدده من التنفير عن الخلاف فاعلمه (1) اه باختصار.
ثم قال المقبلي فيه ذيل هذا الكتاب المسمى بالأوراح النوافخ فيما شرح به قوله (2) وادعوا الصحبة وأثبتوها لمن لم يقض له بها دليل: وجه هذا الكلام ما كررناه أنهم يصطلحون على شئ في متأخر الأزمان ثم يفسرون الكتاب والسنة باصطلاحهم المجدد، والصحبة ليس فيها لسان شرعي، إنما هي بحسب اللغة وكذلك سائر الألفاظ التي وردت بها فضائل الصحابة، ولكن المحدثون اصطلحوا وقضوا بغير دليل، على أن الصحبة لكل من رأى النبي، أو رأى هو النبي ولو طفلا، بشرط أن يكون محكوما بإسلامه، ويموت على ذلك ولا يرتد، ولا يشك منصف بل عاقل أن هذه القيود أمر اصطلاحي لا تقضي اللغة بها، لأن الاشتقاق إنما هو من صحب، لا من رأى أو رئي تحقيقا أو تقديرا، ليدخل الأعمى. وكان عليهم أن يقولوا تقديرا قريبا أو نحوه، ليخرج المعاصر الذي لم يره، بل ليخرج كل أحد، إذ التقدير بحر واسع، فهذا أصل الخطأ في هذه المسألة كما قد حذرناك من هذه الغلطة التي وقع الناس كثيرا فيها.
ثم بعد أن تم لهم تعريف الصحبة ذيلوها بإطراح ما وقع من مسمى الصحابي فمنهم من يتستر بدعوى الاجتهاد، دعوى تكذبها الضرورة في كثيرة من المواضع ومنهم من يطلق! ويا عجباه من قلة الحياء في ادعاء الاجتهاد لبسر بن أرطاة (3)