ولأن عدالة الصحابة كما قلنا أمرها خطير فقد رأينا أن نعقد هذا الفصل لكي نضع هذا الأمر في نصابه، ولنبين بالأدلة القوية التي لا يدنو الشك منها - من كتاب الله وأحاديث رسوله، وجه الصواب الذي يمنع من الزلل ويعصم من الخطل.
من هو الصحابي؟
يجب علينا قبل أن نتكلم عن عدالة الصحابة: أن نبين من هو الصحابي كما عرفوه. وأوفى تعريف له عند الجمهور ما ذكره البخاري.
قال البخاري في كتابه (1): من صحب النبي صلى الله عليه وآله أو رآه من المسلمين فهو صحابي (2)!
وقد شرح ابن حجر العسقلاني تعريف البخاري بقوله: يعني أن اسم صحبة النبي صلى الله عليه وآله مستحق لمن صحبة أقل ما يطلق على اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة، ويطلق أيضا على من رآه رؤية ولو على بعد.
وهذا الذي ذكره البخاري هو الراجح، إلا أنه هل يشترط في الرائي بحيث يميز ما رآه أو يكتفى بمجرد حصول الرؤية - محل نظر - وعمل من صنف في الصحابة يدل على الثاني، فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبي بكر الصديق، وإنما ولد قبل وفاة النبي بثلاثة أشهر وأيام كما ثبت في الصحيح أن أمه أسماء بنت عميس ولدته في حجة الوداع قبل أن يدخلوا مكة وذلك في أواخر ذي القعدة سنة 20 ه.
وقال علي بن المديني: من صحب النبي أو رآه ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي. وكأنهم أيدوا تعريفهم هذا بما رووه عن النبي من أنه قال: يغزو قوم فيقال:
هل فيكم من رأى رسول الله فيفتح لهم.