وقاعدة كون الأصل براءة الذمة وكون الأصل في كل الخبائث والمضرات الحرمة وفي كل الطيبات الحل وكون الضرورات تبيح المحظورات ولا ضرر ولا ضرار (1).
قال الإمام أبو حنيفة: " ردي على كل رجل يحدث عن النبي بخلاف القرآن - ليس ردا على النبي ولا تكذيبا له، ولكنه رد على من يحدث عنه بالباطل، والتهمة دخلت عليه ليس على نبي الله، وكل شئ تكلم به النبي فعلى الرأس والعين قد آمنا به وشهدنا أنه كما قال، ونشهد أنه لم يأمر بشئ يخالف أمر الله، ولم يبتدع ولم يتقول غير ما قال الله ولا كان من المتكلفين " (ص 99 من مناقب أبي حنيفة).
وقال الإمام أحمد بن حنبل: انظروا في أمر دينكم، فإني التقليد لغير المعصوم مذموم، وفيه عمى للبصيرة (2).
* * * وهنا نضع القلم بعد أن قدمنا ما أعاننا الله عليه من عمل، وما وفقنا إليه من بحث، مستعينين بالله في إخراجه إلى الناس جميعا في صورة صادقة، مؤيدة بأقوم البراهين، وأقوى الأسانيد، وفي سبيل الله ما أنفقنا من عمر، في قراءة مئات المصادر التي رجعنا إليها، وما بذلنا من جهد في تناول ما يصح لكتابنا منها، ولمرضاته تعالى ما نالنا من مشقة في تهيئة مواده، وتنسيق فصوله، وبخاصة لأن هذا المصنف لم يكن له من قبل مثال نحتذيه، ولا طريق عبده لنا أحد ممن سبقنا فنتبعه ونسير عليه.
وتقسيم الكتاب وتبويبه كما قالوا أكبر خطوة في سبيل تأليفه.
فإن يقع عملنا هذا لدى المستنيرين، ورجال الفكر المثقفين، في مكان الرضا والقبول فهذا ما نرجوه وهو حسبنا. وإن تضق به صدور بعض النفوس فهذا لا يهمنا ولا يعنينا، إذ ليس لمثل هؤلاء خطر عندنا ولا وزن في حسابنا.
وإنا لنرجو أن نكون بما قدمنا قد وضعنا - كما قلنا من قبل - لما روي عن