عليه وسلم أحد أكثر حديثا مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو (1) فقد كان يكتب ولا أكتب (2)! ولو بحثنا عن كل ما رواه ابن عمرو هذا لوجدناه 700 حديث عند ابن الجوزي وفي مسند أحمد 722 روى البخاري منها سبعة ومسلم 20، وقد أفزعت كثرة رواية أبي هريرة عمر بن الخطاب فضربه بالدرة وقال له:
أكثرت يا أبا هريرة من الرواية، وأحر بك أن تكون كاذبا على رسول الله.
ثم هدده وأوعده إن لم يترك الحديث عن رسول الله فإنه ينفيه إلى بلاده.
وقد أخرج ابن عساكر من حديث السائب بن يزيد: لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس.
ومن أجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر وذهاب الدرة، إذ أصبح لا يخشى أحدا بعده. ومن قوله في ذلك: إني أحدثكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر لضربني بالدرة - وفي رواية لشج رأسي. وعن الزهري عن أبي سلمة: سمعت أبا هريرة يقول: ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر! ثم يقول:
أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي؟ أما والله إذن لأيقنت أن المخفقة ستباشر ظهري، فإن عمر كان يقول: اشتغلوا بالقرآن فإن القرآن كلام الله.
وقد قال الفقيه المحدث السيد رشيد رضا رحمه الله في ذلك: لو طال عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة (3)، وقال عن أحاديثه المشكلة: " لا يتوقف على شئ منها إثبات أصل من أصول الدين " (4).