هذا والمعتمد في هذا الحكم الاجماع كما ذكر العلامة في المنتهى قال كلما غلب على العقل من اغماء أو جنون أو سكر أو غيره ناقض لا نعرف خلافا فيه بين أهل العلم انتهى واستدل عليه أيضا بأن النوم الذي يجوز معه الحدث وإن قل يجب معه الوضوء فمع الاغماء والسكر أولى قال في المعتبر وهذا الاستدلال بالمفهوم لا بالقياس وأنت خبير بأن الروايات المتقدمة ظاهرها إن النوم ناقض مطلقا لا أن نقضه باعتبار احتمال وقوع الحدث فيه إلا رواية أبي الصباح وهي مع عدم صحتها لا يدل أيضا على أن العلة في نقض النوم إنما هو احتمال طرو الحدث بل على أن النوم عند تطرق ذلك الاحتمال ناقض وعند عدمه لا وبمجرد هذا الدوران لا يثبت العلية لجواز أن لا يكون له دخل في العلية أصلا أو يكون خصوصية النوم شرطا إلا يرى أن ذلك الاحتمال في اليقظة لا يوجب الوضوء بل حذر عن الوضوء بسببه فكيف يدعي عليته مطلقا والأولوية التي ادعاها إنما يتم لو ثبت أن العلة هذا كما لا يخفى إذ التحقيق إن القياس بالطريق الأولى إنما يكون فيما يثبت فيه عليه الجامع والفرق بينه وبين منصوص العلة إن العلة يثبت ها هنا بالنص وهناك بالعقل فتدبر ونظيره أيضا الاستدلال بقوله (عليه السلام) إذا ذهب النوم بالعقل والنوم حتى يذهب العقل ونحوه واستدل عليه أيضا برواية معمر بن خلاد المتقدمة قال في المعتبر بعد ذكر هذا الدليل لا يقال صدر الحديث يتضمن الاغفاء وهو من أسماء النوم لأنا نقول هذه اللفظ مطلق فلا يتقيد بالمقدمة الخاصة انتهى وأراد بهذا اللفظ قوله (عليه السلام) إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء أورد عليه إن الضمير راجع إلى المحدث عنه وهو المريض الذي أغفى حال القعود فلا يكون مطلقا بل مقيدا بالنوم وربما يقال أن الظاهر من الاغفاء في الرواية الاغماء أما أولا فلدلالة ربما لان الغالب فيها التكثير كما صرح به مغني اللبيب بل ذكر الشيخ الرضي (ره) إن التكثير صار لها كالمعنى الحقيقي والتقليل كالمعنى المجازي المحتاج إلى القرينة وظاهر إن ما يتكثر في حال المرض هو الاغماء دون النوم وأما ثانيا فلدلالة تتمة الحديث المورد في الكافي فقال يؤخر الظهر ويصليها مع العصر يجمع بينهما وكذا المغرب والعشاء لأن هذه أيضا مما يشعر بتكثير هذه الحال وتواتره كما لا يخفى والتكثر والتواتر ظاهرا في الاغماء والله أعلم ولا يخفى عليك أن هذا الاستدلال لو فرض تمامه لا يدل على تمام المدعى بل يختص بما خفي فيه الصوت لا الجنون والسكر ونحوهما مع عدم الخفاء وهو ظاهر فالمعتمد هو الاجماع كما ذكرنا سابقا وبعض الاستحاضة سيجئ في بابها إنشاء الله تعالى والخارج من السبيلين إذا استصحب ناقضا النقض به مع استصحاب الناقض مما لا خفاء فيه لدلالة الروايات السابقة عليه ولما رواه الشيخ (ره) أيضا في الباب المذكور في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع قال إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوئه وإن خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء وقال في الكافي وروى إذا كانت ملطخة بالعذرة أعاد الوضوء وأما عدم النقض مع عدم الاستصحاب كما هو مفهوم العبارة فليحصر الناقض في الروايات المتقدمة في البول والغايط والريح ولهذه الرواية ولما رواه أيضا في هذا الباب عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل تسقط منه الدواب وهو في الصلاة قال يمضي في صلاته ولا ينقض ذلك وضوئه ولما رواه أيضا في هذا الباب عن عبد الله بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ليس في حب القرع والديدان الصغار وضوء ما هو إلا بمنزلة القبل وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب ما ينقض الوضوء وفي الفقيه أيضا مرسلا في باب ما ينقض الوضوء وكان التقييد بالصغار لان الكبار كثيرا ما يخالط الفضلة ولما رواه في باب الاحداث أيضا في الزيادات عن صفوان قال سئل رجل أبا الحسن (عليه السلام) وأنا حاضر فقال إن لي جرحا في مقعدتي فأتوضأ ثم استنجي ثم أجد بعد ذلك الندى والصفرة يخرج من المقعدة فأعيد الوضوء قال قد أيقنت قال نعم قال لا ولكن ترشه بالماء ولا تعد الوضوء وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الاستبراء من البول بطريقين أحدهما عن صفوان عن الرضا (عليه السلام) والاخر عن أبي بصير عنه (عليه السلام) ولما رواه الكافي في الباب المذكور عن فضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام في الرجل يخرج منه مثل حب القرع قال ليس عليه الضوء وأما ما رواه الشيخ (ره) في الباب المذكور عن ابن أخي فضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال في الرجل يخرج منه مثل حب القرع قال عليه وضوء فمحمول على أنه إذا كان متلطخا بالعذرة جمعا بين الاخبار أو على التقية لان أكثر العامة على النقض أو الاستحباب (والحق بعض خروج الريح من الذكر) إن كان الريح الخارج من الذكر لم يكن له صوت أو ريح فعدم النقض فيه ظاهر لما عرفت سابقا من تقييد الريح في بعض الروايات بهما وأما إذا كان له أحدهما بناء على فرض بعيد لا يخلو من إشكال خصوصا مع الاعتياد إذ يصدق عليه أنه الخارج من السبيلين إلا أن يحمل الخروج على المعهود من خروج الريح من الدبر والظاهر فيه أيضا عدم النقض لان الروايات أما ظاهرا في الخروج العهود والامر ظاهر وأما مجملة وقد مر أنه على تقدير الاجمال لم يثبت وجوب الاتيان بالافراد المشكوكة وقد استدل عليه أيضا بأنه لا منفذ لها إلى الجوف وهو ضعيف وأما الخارج من قبل المرأة فحكمه أيضا كذلك قال المصنف (ره) في الذكرى أما قبل المرأة فقال الفاضلان ينقض خروج الريح منه للمنفذ وتسميته ريحا ويشكل بالحمل على المعهود مع التمسك بالأصل حتى تعتاد انتهى وقد عرفت بما سبق إن مع الاعتياد أيضا لم يثبت الوجوب لكن الاحتياط فيه وأعلم أن العلامة (ره)
(٥٧)