عن المعدة وصيرورته تحتها أو قبل ذلك غاية أنه (ره) عبر عما يخرج قبل الانحدار عنها بما يخرج من فوقها وعما يخرج بعده بما يخرج من تحتها والامر فيه سهل وأنت خبير ببعد هذا التوجيه عن كلام الشيخ (ره) المنقول آنفا جدا وأيضا لو كان مراده ذلك لكان ينبغي أن يقال أنه إن سمى في العرف غايطا فهو ناقض وإلا فلا لان الانحدار عن المعدة وعدمه أمر لا يعلمه كل أحد بخلاف اطلاق الغايط وعدمه فإنه معلوم لكل أحد فجعله مناطا وضابطة لصدق الاطلاق وعدمه ركيك ولا يذهب عليك أنه على هذا التوجيه لكلام الشيخ (ره) يرتفع الخلاف بينه وبين ابن إدريس ويصير قوله قوله بعينه وأما القول الآخر فقد احتج عليه المصنف في الذكرى بأن مع العادة يشمله عموم الآية وقول الصادق (عليه السلام) ليس ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك لتحقق النعمة بهما وأما مع الندور فلا للأصل والخبر إذ ليس الطرفين وفيه نظر لأنا لا نسلم شمول الآية لهذا الفرد ظاهرا بل هي إما ظاهرة في المتعارف المعتاد لأكثر الناس وأما مجملة بالنسبة إليه وإلى الأعم منه ومن المعتاد لبعض وعلى التقديرين لا يثبت المدعى كما مر مرارا وأما شمول الرواية فغير ظاهر جدا لان الأصل في الإضافة العهد وكذا الموصول كما قيل وحينئذ فالظاهر أن يكون إشارة إلى الطرفين المتقارنين وأيضا كيف يدعى في هذا الظرف أنه مما أنعم الله به إذ ظاهر أن الانعام إنما هو في الطرفين الطبيعيين وأما غيرهما فليس من باب النعمة بل النقمة هذا واعلم أن هذا القول الأخير وإن كان مشكلا إثباته لكن الأحوط الاخذ به والتوضأ عند خروج البول والغايط من غير الطبيعي مع الاعتياد خصوصا إذا كان دون المعدة للاشتهار بين الأصحاب وتحصل البراءة اليقينية للشك في شمول الآية والروايات لهذا الفرد وأكمل منه في الاحتياط الاخذ بقول ابن إدريس (ره) وتمام الاحتياط أن يحدث بعد هذا الحدث ويتوضأ ليحصل الجزم بالنية ويتقي التحذير الذي في موثقة ابن بكير المتقدمة وقس على ما ذكرنا من حال الخارج عن غير الطبيعي ما إذا خرجت القعدة متلطخة بالعذرة ثم عادت من غير انفصال العذرة هذا حكم البول والغايط وأما الريح فعند خروجه من الدبر الطبيعي ظاهر حاله كما عرفت وقد قيد في الروايات بأن يكون مما يسمع صوته أو يجد ريحه كصحيحة زرارة المتقدمة في جملة أدلة ابن إدريس وفي زيادات التهذيب زيد فيها بعد ضرطة تسمع صوتها وما رواه أيضا في الزيادات في باب الاحداث في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن الشيطان ينفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه أنه قد خرج منه ريح ولا ينقض وضوئه إلا ريح يسمعها أو يجد ريحها وهذه الرواية في الكافي بطريق حسن في باب ما ينقض الوضوء وما رواه الشيخ أيضا في هذا الباب عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له أجد الريح في بطني حتى أظن أنها قد خرجت فقال ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت أو تجد الريح ثم قال إن إبليس يجئ فيجلس بين أليتي الرجل فيفسو ليشككه وهذه الرواية في الفقيه أيضا بطريق صحيح بأدنى تغيير في باب ما ينقض الوضوء ولا يذهب عليك أنه إذا حصل الشك في خروج الريح فلا شك في عدم النقض لدلالة هذه الرواية وما ورد رواه أيضا من أنه لا ينقض اليقين بالشك وموثقة ابن بكير وأما إذا حصل اليقين بالخروج ولم يسمع صوت ولم يوجد ريح ففيه شك من حيث التقييد في الروايات بهما أو بأحدهما ومن حيث احتمال أن مراده حصول اليقين بالخروج وذكر هذين الوصفين لأنهما مما يوجب اليقين ولم أقف في كلام الأصحاب على نص صريح في هذا الباب لكن الظاهر أنهم اكتفوا بحصول اليقين ولا ريب أنه الأولى والأحوط والله أعلم وأما إذا خرج عن غير الدبر الطبيعي فإن كان من القبل فسيجئ بيانه وإن كان من غيره فإن كان من الدبر الخلقي أو غير الخلقي مع انسداد الطبيعي فالظاهر أن إيجابه أيضا للوضوء إجماعي كالبول والغايط كما يدل عليه اطلاق كلام المنتهى المنقول سابقا وأما مع عدم الانسداد فالظاهر أن الخلاف المنقول عن الشيخ (ره) وابن إدريس (ره) في البول الغايط ليس فيه بل الظاهر من السرائر عدم نقض الخارج من غير الدبر مطلقا والمعتبرون للاعتياد وعدمه في البول والغايط كأنهم يعتبرون فيه أيضا كما يفهم ظاهرا من كلام المنتهى والمعتبر وقد ادعى المعتبرون للاعتياد الاجماع على أن الجشأ لا ينقض الوضوء ولا يعلم أنهم ما يقولون في الجشأ المنتن إذا اعتيد خروج الغايط من الفم كما في بعض الأمراض هل يدخلونه تحت الاجماع أو لا وكذا الحال إذا انسد الطبيعي وخروج الفضلة من الفم وبالجملة كلامهم في هذا الباب لا يخلو من إجمال والذي تقتضيه النظر عدم النقض في غير صورة الاجماع كما يظهر وجهه مما تقدم وإن كان الأحوط إحداث الوضوء بعد الخروج من الموضع المعتاد للغايط بعد إيقاع حدث آخر والله أعلم بحقيقة الحال (والنوم الغالب على الحاستين) أي السمع والبصر والمراد بالغلبة كأنه الإزالة والابطال كما سيظهر إعلم إن المشهور بين الأصحاب إيجاب النوم للوضوء مطلقا سواء كان مضطجعا أو قائما أو قاعدا منفرجا أو لا ومع تمكن المقعدة من الأرض أو لا وسواء كان في حال الصلاة أو غيرها لكن يشترط زوال السمع والبصر وقد نسب إلى العامة بعض التقييدات لا طايل في ذكره وقد يتخيل أيضا ذهاب بعض أصحابنا إلى التقييد لكن لم يصرح به ظاهرا قال العلامة (ره) في المنتهى وروى أبو جعفر ابن بابويه قال سأله سماعة بن مهران عن الرجل يخفق رأسه وهو في الصلاة قائما أو راكعا فقال ليس عليه وضوء قال وسئل موسى بن جعفر
(٥٣)