مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٦٨
وبقاء سبب الوجوب فقط فهو بعينه ما نقله أولا من الشرح مع أن الدليل الذي ذكره لا يدل على المعنيين أصلا بل غاية ما يلزم منه أن الامر بغسل يوم الجمعة مثلا لا يستدعي أن يكون امتثاله بغسل مستحب بل تمثيل بالغسل الواجب أيضا ولا يخفى بقاء الاشكال بحاله لأنه إذا امتثل الامر المذكور بالغسل الواجب يلزم اجتماع الوجوب والندب في شئ لان ما يكون امتثالا للامر المذكور يكون ندبا قطعا وهو باطل بزعمهم فظهر أن لا محيص إلا بما ذكرناه من جواز الاجتماع لاختلاف الجهة ويقرب مما ذكره هذا الفاضل (ره) ما قال له صاحب المدارك (ره) بعد أن رجح الاجتزاء بالغسل الواحد في هذه الصورة ومعنى تداخل الواجب والمستحب أن يكون تأدي إحدى الوظيفتين بفعل الأخرى كما يتأدى صلاة التحية بقضاء الفريضة وصوم الأيام المسنون صومها بقضاء الواجب ونحو ذلك لظهور تعلق الغرض بمجرد ايجاد المهية على أي وجه اتفق وعلى هذا فلا يرد أن ذلك ممتنع لتضاد وجهي الوجوب والندب انتهى وفيه أيضا إن هذا الكلام منه (ره) أما لاثبات أن امتثال أمر الندب إنما يحصل بفعل الواجب ولا يستدعي الاتيان بفعل ليس واجبا فما ذكره صحيح ظاهر لكن لا يندفع الاشكال المذكور بل هو باق بحاله فلا يصح لتفريع في قوله وعلى هذا؟ يرد وأما لدفع الاشكال فحينئذ لا يصح ما ذكره لما علمت وأما للقيام الثالث وهو تداخل الأغسال المستحبة فقط فالظاهر تداخلها أيضا مطلقا سواء نوى الجميع أم البعض أم لم ينو شيئا منها لصدق الامتثال وإطلاق الروايات وعدم صلاحية المعارض كما سنذكره والمحقق (ره) في المعتبر رجح التداخل مع نية الجميع ثم قال أما لو نوى البعض فالوجه اختصاصه بما نواه لأنا بينا أن نية السبب في المندوب مطلوبة إذ لا يراد به رفع الحدث بخلاف الأغسال الواجبة فان المراد بها الطهارة فتكفي نيتها وإن لم ينوى السبب انتهى وجوابه أولا بمنع أن المراد منها ليس رفع الحدث وما يرى من مجامعتها للحدث كما في غسل الاحرام للحايض لا ينافيه لجواز أن يكون المراد رفع الحدث في موضع يمكن حصوله فيه وأما في غيره فيكون المقصود التنظيف مثلا كالوضوء فإنه يرفع الحدث في بعض المواضع دون بعض والفرق بينهما بأن الوضوء الرافع غير الوضوء الغير الرافع بخلاف هذه الأغسال ضعيف لان المغايرة بالنوع في الأول ممنوع وبالشخص في الثاني متحقق نعم يمكن أن يقال مجرد تجويز أن يكون المراد منها رفع الحدث لا ينفع في المقام بل لا بد من إثباته ودونه خرط القتاد وثانيا بتسليمه والقول بأن المراد منها التنظيف فلا يحتاج إلى نية السبب كما أن المراد من الواجب رفع الحدث ولا يحتاج إلى نية السبب وفيه أن يكون المراد منها التنظيف إن كان على سبيل التجويز واحتمال العقل فلا ينفع وإن كان على سبيل الجزم فيحتاج إلى دليل لكن يمكن إلزامه على ظاهر كلامه (ره) وكلام الشيخ حيث يفهم منهما أن المقصود منها التنظيف مع أنهما اشترطا ذكر السبب وثالثا بأنه على تقدير أن لا يكون المقصود رفع الحدث والتنظيف فما السبب في الاحتياج إلى ذكر السبب لان التكليف بالغسل مطلق وليس فيه التقييد بقصد السبب وما يتوهم أنه إذا قيل اغتسل في يوم الجمعة يفهم أن الغسل له ولو قيل للجمعة فالامر أظهر فلا بد من قصد كونه للجمعة لتحقق الامتثال باطل وسيجئ الكلام فيه إنشاء الله تعالى في مبحث النية والتمسك بقوله (عليه السلام) إنما لامرء ما نوى وانما الأعمال بالنيات ونحوهما قد عرفت حاله والعلامة رحمه الله في التذكرة وافق المعتبر وفي المنتهى قرب الاكتفاء بغسل واحد ولم يفصل وفي القواعد والارشاد حكم بعدم التداخل من دون تفصيل أيضا والمصنف (ره) في الذكرى وافق المعتبر والتذكرة وظاهر كلامه في هذا الكتاب القول بعدم التداخل في هذه الصورة مطلقا كما هو ظاهر القواعد والارشاد ونسب في الذكرى هذا الاطلاق إلى جمع متمسكا باعتبار نية السبب ويفهم من كلامه ظاهرا كون الشيخين منهم أيضا وأنت خبير بأن مرادهم لو كان ما هو الظاهر من الاطلاق أي سواء كان مع ذكر جميع الأسباب أو لا فما تمسكوا به ظاهر الفساد إذ غاية ما يلزم منه عذر التداخل مع عدم نية الأسباب أما مع نيتها فلا نسلم إن كلام الشيخ (ره) في المبسوط والخلاف والنهاية لا يظهر منه هذا الحكم لان في المبسوط والخلاف إنما تعرض لاجتماع الواجب والمندوب وحكم فيه بما فصلنا ولم يتعرض لاجتماع المندوبات وفي النهاية لم تعرض لشئ منها إلا أن وجده في موضع آخر والمحقق الشيخ على (ره) رجح في شرح القواعد عدم التداخل في هذه الصورة وصرح بأنه سواء مع تعيين الأسباب وعده متمسكا بعدم الدليل الدال على التداخل ولا يخفى ما فيه لما عرفت من الدلايل وما يقال أيضا أن الأصل عدم التداخل فكلام خال عن التحصيل لان المراد بالأصل إن كان هو الظاهر كما هو في بعض اصطلاحاته ويصير حاصل الدليل إن كلا من هذه الأسباب؟ مستقل والظاهر استدعاء كل منهما؟
فجوابه منع الظهور بل الظاهر اقتضاء كل منها مسمى الغسل وهو متحقق في ضمن فرد واحد وإن كان المراد به الاستصحاب كما يقولون الأصل عدم الحادث ففساده ظاهر وإنما الاشتباه من شيوع أن الأصل العدم بينهم فلم يحققوا معناه واستعملوا في غير موضعه مع أنه في موضعه أيضا محل كلام ليس هذا موضعه وإن كان المراد الغسل والكثرة فهو أيضا باطل كما لا يخفى وأيضا مع تسليم إن الأصل عدم التداخل قلنا ما هو المخرج عن ذلك الأصل من الدليل الشهيد الثاني (ره) أيضا وافق المعتبر والفاضل الأردبيلي وصاحب المدارك (ره) ذهبا إلى التداخل مطلقا كما هو الظاهر هذا تفصيل القول في المقامات الثلاث وفذلكة ما اخترناه التداخل في جميع المقامات في جميع صورها والله أعلم لكن مقتضى الاحتياط أن لا يترك ملاحظة خصوص الأسباب واجبها ومندوبها خصوصا المندوبة ولا يكتفي بنية البعض سيما مع نفي الباقي حتى يحصل اليقين أو الظن القريب منه بتحقق الامتثال وترتب الثواب و الخروج عن عهدة الروايات الدالة على أن لا عمل إلا بنية وللمرء ما نوى وفقنا الله للنية الخالصة والقصد الصحيح ثم أن التداخل على تقدير تحققه هل هو رخصة
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336