مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٦٤
على ما ذهب إليه المرتضى (ره) من عدم الوجوب فيهما جميعا فلا مجال للخلاف إذ على هذا لا ريب في الاجزاء وعلى تقدير الخلاف فكلام العلامة (ره) مشتبه في كتبه أن الخلاف فيماذا فيفهم من بعض كتبه ظاهرا أن الخلاف في ارتفاع حدث الجنابة بذلك الغسل وعدم ارتفاعه مع صحته في نفسه وأجزائه عن الحدث المنوي ومن البعض الاخر أن الكلام في صحة هذا الغسل وإجزائه عن الحدث المنوي أيضا لا في إجزائه عن الجنابة فقط ويمكن أن يكون الاشكال في موضعين الأول في صحة هذا الغسل وإجزائه عن المنوي والثاني في إجزائه عن الجنابة بعد صحته في نفسه ولنفرض الكلام أولا في الموضع الأول فنقول الظاهر صحة هذا الغسل للامر به مطلقا من غير تقييد فيكون الاتيان به مجزيا وهو معنى الصحة وما يمكن أن يستدل به على خلافه كما يستنبط من كلام العلامة في كتبه فمدفوع وهو أن حد الجنابة أقوى من غيرها من أسباب الغسل ورفع الأدنى لا يستلزم رفع الأقوى وإذا لم يرتفع الجنابة لم يرتفع غيرها أيضا لان مع بقاء الأقوى لا يمكن ارتفاع الأضعف ووجه قوة الجنابة أن مع ارتفاعها يرتفع باقي الاحداث بخلاف ما عداها بدليل وجوب الوضوء بعد غسله دون غسلها وهذه الاستدلال ضعيف ومن وجوه أحدها ما علمت سابقا من عدم ثبوت هذه المقدمات التي يدعيها القوم من ثبوت الحدث وغيره مما مر وثانيها منع قوة الجنابة قولهم في بيانها مع ارتفاعها برافع باقي الاحداث نقول هذا إنما يستلزم قوة رافعها لا قوتها وهو ظاهر وفيه كلام آخر أيضا سيجئ في الموضع الثاني كما يستنبط من كلام العلامة في كتبه والقول بأنها إذا لم تكن قوية لم يكن رافعها قويا بل يكون كرافع ما عداها ممنوع وثالثها قولهم أن رفع الأدنى لا يستلزم رفع الأقوى إن أريد به ظاهره من عدم الاستلزام فممنوع لكن عدم الاستلزام لا يستلزم عدم ارتفاع الأقوى مطلقا إذ يجوز أن يرتفع الأقوى بارتفاع الأدنى في بعض المواضع وإن لم يكن لازما فحينئذ لا نسلم وضع المقدم في قولهم وإذا لم يترفع الجنابة فإن قيل إذا لم يستلزم رفع الأدنى رفع الأقوى يلزم عدم ارتفاع الأقوى فيما نحن بصدده إذ لا بد في ارتفاعه من دليل لأنه حكم شرعي لا يرتفع إلا بدليل ولا دليل ها هنا قلنا عدم الدليل ممنوع لان الأدلة الدالة على إجزائه عن الجنابة كما سنذكرها إنشاء الله تعالى دالة عليه وإن أريد عدم رفعه للأقوى مطلقا أو فيما نحن فيه فممنوع وسنذكر إنشاء الله تعالى في الموضع الثاني ما يمكن أن يستدل به على المقدمة؟
مع جوابه ورابعها منع قولهم مع بقاء الأقوى لا يمكن ارتفاع الأضعف ثم أن العلامة (ره) استشكل في المقام بعد أن قرب عدم الاجزاء في صورة انضمام الوضوء إلى ذلك الغسل فإن كان فرض كلامه (ره) في هذا الموضع فوجه الاستشكال إن هذا الغسل مع الوضوء لما كان مساويا لغسل الجنابة في رفع جميع الاحداث و استباحة الصلاة فيلزم أن يرتفع به الجنابة أيضا كمساويه ومع ارتفاعها لا إشكال في ارتفاع ما عداها أيضا وأن هذا الغسل بنفسه لما لم يرفع الجنابة كما بينا فلم ينفع انضمام الوضوء إليه لأنه لا دخل له في ارتفاع الجنابة أصلا بل إنما هو لارتفاع الحدث الأصغر وإذا لم يرتفع الجنابة فالحكم باق بحاله وإذ قد علمت الحال في هذا الموضع فلنشرع إلا أن في الموضع الثاني فنقول الظاهر أيضا تحقق التداخل في هذا الموضع أما على ما اخترناه من عدم وجوب الوضوء في الأغسال مطلقا فظاهر أما أولا فلما عرفت من عدم الخلاف على هذا القول وأما ثانيا فلصدق الامتثال وإطلاق الروايات المتقدمة وأما على المشهور فلثاني الوجهين وقد استدل المحقق الشيخ على (ره) في شرح القواعد بوجوه أخر ضعيفة يظهر ضعفها بالتأمل فيما ذكرناه ولم نذكرها مخافة التطويل فمن رامها فليراجعها وأما حجة النافين فهي إن غسل الجنابة أكمل من غيره من الأغسال وأقوى والأضعف لا يقوم مقام الأقوى فلا يكون هذا الغسل مجزيا عنه وأما بيان قوة غسل الجنابة فمن وجهين الأول إن حدث الجنابة أقوى من غيره لما تقدم فيكون الغسل الذي رافعه أقوى من غيره والثاني إن غسل الجنابة لما رفع جميع الاحداث صغيرها وكبيرها بدليل عدم الاحتياج إلى الوضوء يكون أقوى من غيرها مما لم يرفع الأصغر لاحتياجه إلى الوضوء وفيه نظر من وجوه أحدها عدم ثبوت هذه المعاني كما مر مرارا و ثانيها أنا لا نسلم أن ها هنا قياما لغير غسل الجنابة مقامه لان هذا الغسل غسل الجنابة أيضا لان غسل الجنابة ما يكون بالوجه الخاص بعد الجنابة للقربة وهذه الأوصاف متحققة فيه وأما قصد أنه غسل الجنابة صريحا فلا نسلم لزومه في تحققه وثالثها منع قوة غسل الجنابة وما ذكره في بيانه من الوجهين فاسد أما الأول فلمنع قولهم بارتفاعها يرتفع باقي الاحداث بخلاف ما عداها قولهم في بيانه بدليل وجوب الوضوء بعد غسله دون غسلها قلنا هذا لا يستلزم المطلوب لجواز أن لا يكون وجوب الوضوء لارتفاع الحدث الأصغر الباقي بعد ارتفاع الحدث الأكبر بل يكون لقوة هذه الاحداث بحيث لا يكفي في رفعها الغسل فقط بل لا بد فيه من الوضوء أيضا بخلاف الجنابة إذ يكفي في رفعها الغسل فقط لضعفها وقد يؤيد قوة الحيض بالنسبة إليها ما رواه الكافي في باب المرأة ترى الدم وهي جنب عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة أو غسل الجنابة والحيض واحد فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك وأما الثاني فلمثل ما ذكرنا أيضا لان الاحتياج إلى الوضوء لا يلزم من أن يكون للحدث الأصغر بل يجوز أن يكون لما تقدم ولو سلم أنه للحدث الأصغر فنقول لم لا يجوز أن يكون الأغسال متساوية في القوة لكن لما كان حدث الجنابة ضعيفا يقوى غسلها على رفعه مع رفع الحدث الأصغر بخلاف باقي الاحداث لأنها لقوتها لا يقوى غسلها على رفعها مع رفع الحدث الأصغر بل إنما يرفعها فقط ويحتاج إلى الوضوء لرفع الأصغر هذا ما يقال في هذا المقام
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336