بالطريق الأولى لدلالة الأدلة المذكورة حينئذ صريحة من غير ورود خدشة ومناقشة والاحتجاج الذي ذكرنا من المختلف يصير حينئذ ظاهر الفساد لأنه يخرج من محل النزاع اعلم إن المصنف (ره) قال في الذكرى المشهور عدم وجوب تخليل الشعر النابت على الوجه خف كله أو كثف كله أو تبعض لرجل كان أو لامرأة حتى لا يجب تخليل لحية المرأة نص على ذلك كله الشيخ في المبسوط وصاحب المعتبرة ثم استدل عليه بأن الوجه اسم لما يواجه به ظاهرا فلا يتبع غيره وبالأدلة الثلاثة السابقة وبما روى من وضوئه (عليه السلام) بغرفة واحدة وهي لا تبلغ أصول الشعر خصوصا مع أنه كان كثيف اللحية كما ذكرنا وبأن كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر للجميع لقيام المواجهة وأية عرض عليه في الحبل المتين بأن دليله الأول إنما يجزي بظاهره في الكثيف وليس النزاع فيه والعلاوة التي ظنها مؤيدة لدليله الثالث تأييدها غير ظاهر بل الظاهر خلافه وقوله في الرابع إن كل شعرة تستر ما تحتها إن أراد أن أصلها يستر نفسه منبتها الحقيقي فليس الكلام فيه وإن أراد أن الشعرة تستر شعاع البصر عن الوقوع على ما يحاذيها من إجزاء الوجه فإن أراد إجزاء شخصية بعينها في كل مجالس التخاطب فالخفيف ليس كذلك فإن المستور به يتبدل بتبدل مجلس التخاطب بل بأدنى حركة من الرائي والمرئي يظهر ما كان مستورا ويستر ما كان ظاهرا وإن أراد إجزاء نوعية متبدلة الافراد بتبدل المجالس توجه المنع إلى الكبرى لحصول المواجهة بها في بعض الأوقات هذا كلامه ويمكن أن يجاب عن الأول بمنع اختصاص دليله بالكشف لأنك قد علمت أنه (ره) أعتقد أنه لا خلاف في وجوب غسل ما ظهر في خلال الشعر فيكون مراده من عدم وجوب تخليل اللحية مطلقا عدم وجوب غسل المستور بالشعر خفيفا كان أو كثيفا ولا ريب في جريان هذا الدليل في جميع ما ادعاه ولا اختصاص له بالكثيف وأيضا لو سلم اختصاصه بالكثيف نقول إن مراده من هذه الدلايل ليس الاستدلال على ما هو المتنازع فيه بين علمائنا فقط بل على جميع ما ادعاه سواء كان إجماعا منا أو لا وحينئذ فيكون هذا الدليل دليلا على بعض ما ادعاه ومن الثاني بما ذكر في الوجه الأخير لأنه إذا كان المراد الاستدلال على بعض المدعى وإن لم يكن خلافا منا فلا ريب في تأييد العلاوة المذكورة كما لا يخفى وعن الثالث ان مراده من التخليل في قوله عدم وجوب تخليل الشعر تخليله لغسل ما يستر به لا لغسل ما هو الظاهر خلاله كما هو معتقده وحينئذ نقول أن قوله كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة يعني به أنها تستر ضرورة في الفرض الذي فيه الخلاف في وجوب التخليل وعدمه وحينئذ لا إيراد نعم يرد عليه أنه بعينه هو الوجه الأول فلا وجه لإعادته إلا أن يقال أن الوجه الأول مختص بالكثيف لظهور أجزائه فيه وهذا التخفيف بقياسه عليه وادعاء جريان المذكور فيه أيضا وحينئذ لا قصور فيه ولا تكرار كما لا يخفى وأما التقدير الثالث وهو ما احتمله المحقق البهائي فالظاهر فيه أيضا عدم وجوب التخليل للأدلة الثلاثة المذكورة سابقا والايراد عليها والجواب عنه أيضا يستنبط مما سبق فقس عليه فصار فذلكة القول على ما اخترناه عدم وجوب تخليل الشعر مطلقا سواء كان من اللحية أو غيرها وسواء خف أو كثف وسواء كان ظاهرا خلاله البشرة في جميع الأحوال أو بعضها أو لا إن لم يكن إجماع على الوجوب في الظاهر في جميع الأحوال أو فيه وفي الظاهر في بعضها أيضا بناء على الاحتمالين السابقين وإلا ففي ما عدا الاجماع والاحتياط في الصورتين اللتين يحتمل الاجماع فيهما أن لا يترك غسل البشرة خصوصا في غير اللحية وكذا في المستور بالخفيف سترا دائما لاحتمال الخلاف فيه والله تعالى أعلم بحقايق أحكامه (نعم يستحب و إن كثف) نفى المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى استحباب التخليل مطلقا لكنه حكم في التذكرة باستحباب تخليل الكثيف للاستظهار ولأنه (عليه السلام) كان تخلل لحيته والظاهر أن الخفيف إن لم يكن تخليله واجبا كان الاستحباب فيه أظهر منه في الكثيف لشدة الاستظهار فيه لكن الحكم بالاستحباب بمجرد هذا الوجه مشكل وما روي من فعله (عليه السلام) لا يمكن إجراؤه في الخفيف والقياس عليه بالطريق الأولى لا يخلو من إشكال إلا أن يقال بدخوله تحت إسباغ الوضوء المندوب إليه (كما يستحب إفاضة الماء على ظاهر اللحية) ذكر العلامة في النهاية إن الاصطلاح إنما وقع على إطلاق الإفاضة على غسل الظاهر فقط والغسل على غسل الظاهر والباطن معا اعلم أن ظاهر اللحية له ثلاثة أفراد الأول ظاهر اللحية الكثيفة التي في محل الفرض وهو ليس بمراد ها هنا لأن الظاهر الاجماع منا على وجوب غسله وانتقال حكم محله إليه نعم نقل من أبي حنيفة الخلاف فيه الثاني ظاهر اللحية الخفيفة التي في محل الفرض ولا يخفى إن الشعر الخفيف الذي في محل الفرض يحتمل وجهين أحدهما أن يكون قائما غير مائل سواء كان يستر ما ورائه من البشرة دائما أو في بعض الأحوال أو لا ولا شك إن هذا الشعر إنما ينتقل إليه حكم منبته الحقيقي ويجب غسله لكن الكلام في أنه هل يجب غسل رأسه فقط أو غسل ما سواه أيضا مما يظهر على حس البصر فيه وجهان فإن قلنا بالثاني فلا يكون هذا أيضا مرادا ها هنا وإن قلنا بالأول فيمكن أن يكون مرادا ها هنا باعتبار غسل ما عد رأسه ولا يأباه لفظ الظاهر كما لا يخفى والثاني أن يكون مايلا فأما أن يحكم بانتقال حكم ما تحته إليه أما لكونه ساترا له سترا دائميا على قول من يعتبره أو لا يستره سترا دائميا لكن على قول من يكتفي بالستر في الجملة وحينئذ يجب غسله ولا يكون مما نحن فيه أو لا يحكم بانتقال حكم ما تحته إليه أما لكونه غير ساتر له سترا دائميا على قول من يكتفي بالستر الدائمي أو يكون يستره سترا دائميا لكن على قول من لا يكتفي به بل يعتبر ستر الجميع كما مر من احتمال الخلاف فيه وفيه أيضا وجهان وجوب غسله أيضا كما يجب غسل ما تحته كما يشعر به كلام التذكرة المنقول سابقا بناء على صدق الوجه عليه أيضا لأنه
(١٠٦)