فهذا الحديث يحتمل ما تأوله الفريقان جميعا عليه ولا حجة فيه لأحد الفريقين على الفريق الآخر وقد جاءت آثار غير هذه الآثار فيها إباحة المزارعة بالثلث والربع فمنها ما حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا يحيى بن زكريا عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن أبي القاسم وهو مقسم عن ابن عباس قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر ثم أرسل بن رواحة فقاسمهم حدثنا محمد بن عمرو بن يونس قال ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما خرج من الزرع حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال كانت المزارع تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لرب الأرض ما على ربيع الساقي من الزرع وطائفة من التبن لا أدري كم هو قال نافع فجاء رافع بن خديج وأنا معه فقال إن رسول الله أعطي خيبر يهودا على أنهم يعملونها ويزرعونها بشطر ما يخرج من تمر أو زرع حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أبو عون الزيادي وهو بن محمد بن عون قال ثنا إبراهيم بن طهمان قال ثنا أبو الزبير عن جابر قال أفاء الله خيبر فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا وجعلها بينه وبينهم فبعث بن رواحة فخرصها عليهم وحدثنا أبو أمية قال أخبرنا محمد بن سابق قال ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه مثله ففي هذه الآثار دفع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالنصف من تمرها وزرعها فقد ثبت بذلك جواز المزارعة والمساقاة ولم يضاد ذلك ما قد تقدم ذكرنا له من حيث جابر رضي الله عنه ورافع وثابت رضي الله عنهما لما ذكرنا من حقائقها فاحتج محتج في ذلك فقال قد عورضت هذه الآثار أيضا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن بيع الثمار قبل أن تكون مما قد وصفنا ذلك في باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها قال فإذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الابتياع بالثمار قبل أن تكون دخل في ذلك الاستيجار بها قبل أن تكون فكما كان البيع بها قبل كونها باطلا كان الاستيجار بها قبل كونها أيضا كذلك ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع ما ليس عندك فكان الاستيجار بذلك غير جائز إذ كان الابتياع به غير جائز فكذلك لما كان الابتياع بما لم يكن غير حائز كان الاستيجار به أيضا غير جائز
(١١٣)