فكان بذلك مخبرا عما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بعد ذلك فإذا وقعت الحدود فلا شفعة وكان ذلك قولا من رأيه لم يحكه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يكون هذا الحديث حجة على من ذهب إلى وجوب الشفعة بالجوار لو كان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة فيكون ذلك نفيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قد قسم أن تكون فيه الشفعة ولكن أبا هريرة رضي الله عنه إنما أخبر في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علمه من قضائه ثم نفي الشفعة برأيه بما لم يعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حكما وعلمه غيره ثم قد روى معمر هذا الحديث عن الزهري فخالف مالكا في متنه وفي إسناده حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا عبد الواحد بن زيادة قال ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة حدثنا أحمد بن داود قال ثنا يعقوب بن حميد قال ثنا عبد الرزاق عن معمر فذكر بإسناده مثله ففي هذا الحديث نفي الشفعة بعد وقوع الحدود وصرف الطرق وذلك دليل على ثبوتها قبل صرف الطرق وإن حدد الحدود فقد وافق هذا الحديث حديث عبد الملك عن عطاء وزاد على ما روى مالك فهو أولى منه وقد يحتمل أيضا حديث مالك أن يكون غني بوقوع الحدود التي نفيت بوقوعها الشفعة في الدور والطرق فيكون المبيع لا شرك لأحد فيه ولا في طريقه فيكون معنى هذا الحديث مثل معنى حديث معمر وهو أولى ما حمل عليه حتى لا يتضاد هو وحديث معمر وقد روى بن جريج عن الزهري ما يوافق ما روى معمر حدثنا أحمد بن داود قال أخبرنا يعقوب بن حميد قال ثنا ابن أبي داود عن ابن جريج بن شهاب عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا حدت الطرق فلا شفعة فإن قال قائل فقد ثبت بما ذكرت وجوب الشفعة بالشركة في الدور والأرضين وبالشرك في الطريق إلى ذلك فمن أين أوجبت الشفعة بالجوار قيل له أوجبتها بما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا علي بن بحر القطان وأحمد بن جناب قالا ثنا عيسى بن يونس قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بالدار
(١٢٢)