وأما حديث جابر بن عبد الله فإنه قال فيه كان لرجال منا فضول أرضين فكانوا يؤاجرونها على النصف والثلث والربع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها وليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك ففي هذا الحديث أنه لم يجز لهم إلا أن يزرعوها بأنفسهم أو يمنحوها من أحبوا ولم يبح لهم في هذا الحديث غير ذلك فقد يحتمل أن يكون ذلك النهي كان على أن لا تؤاجر بثلث ولا بربع ولا بدراهم ولا بدنانير ولا بغير ذلك فيكون المقصود إليه بذلك النهي هو إجارة الأرض وقد ذهب قوم إلى كراهة إجارة الأرض بالذهب والفضة حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو عمر قال ثنا حماد بن زيد قال أخبرنا عمرو بن دينار قال كان طاوس يكره كراء الأرض بالذهب والفضة فهذا طاوس يكره كري الأرض بالذهب والفضة ولا يرى بأسا بدفعها ببعض ما يخرج وسيجئ بذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى فإن كان النهي الذي في حديث جابر رضي الله عنه وقع على الكراء أصلا بشئ مما يخرج وبغير ذلك فهذا معنى يخالفه الفريقان جميعا وقد يحتمل أن يكون النهي واقع لمعنى غير ذلك فنظرنا هل روى أحد عن جابر رضي الله عنه في ذلك شيئا يدل على المعنى الذي من أجله كان النهي فإذا يونس قد حدثنا قال ثنا عبد الله بن نافع المدني عن هشام بن سعد عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن رجالا يكرون مزارعهم بنصف ما يخرج منها وبثلثه وبالماذيانات فقال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه فإن لم يفعل فليمسكها حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني هشام بن سعدان أبي الزبير المكي حدثه قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نخابر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنصيب كذا وكذا فقال من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه وإلا فليزرعها فأخبر أبو الزبير في هذا عن جابر رضي الله عنه بالمعنى الذي وقع النهي من أجله وأنه إنما هو لشئ كانوا يصيبونه في الإجارة فكان النهي من قبل ذلك جاء
(١٠٨)