ألا ترى أن من استأجر بناءا على (1) مخصوص، وأيضا النساجة قد يجوز أن يختلف، فيقول الصانع: قد وفيت العمل الذي استؤجرت له، ويقول المستأجر: ما وفيت بذلك.
فمتى لم يكن الإمام عالما بتلك الصناعات ومنتهيا إلى أبعد الغايات لم يمكنه أن يحكم بين المختلفين.
فإن قيل: يرجع إلى أهل تلك الصناعة فيما اختلفا فيه.
قلنا: في الكتابة مثل ذلك سواء.
وبينا في تلك المسألة التي أشرنا إليها، بأن هذا يؤدي إلى أن علم الإمام تصديق (2) الشهادة أو كذبه فيما يشهد به، لأنه إذا جاز أن يحكم بشهادة (3) مع تجويز كونه كاذبا....
وإلا جاز أن يحكم بقول ذي الصناعات في قيم المتلفات وأروش الجنايات وكل شئ اختلف فيه فيما له تعلق بالصناعات وإن جاز الخطأ على المقومين.
وبينا أن ارتكاب ذلك يؤدي إلى كل جهالة وضلالة.
فإن قيل: أليس قد روى أصحابكم أن النبي صلى الله عليه وآله في يوم الحديبية لما كتب معينة (4) بين سهيل بن عمرو وكتاب مواعدة (5)، وجرى من سهيل ما جرى من إنكار ذكر النبي صلى الله عليه وآله بالنبوة، وامتنع أمير المؤمنين عليه السلام مما اقترح سهيل كتب عليه السلام في الكتاب.