أو عاميا بالسير مخالطة، ومنه ما يحتاج تناه (1) في المخالطة وقراءة الكتب وسماع الروايات إلى غايات بعيدة. ومنه ما يتوسط بين هذين الطريقين بحسب التوسط في المخالطة.
وقد علمنا أن كل عاقل اختلط بعض الاختلاط بأهل اللغة العربية، يعلم ضرورة أن هذه اللغة تسمية (2) الحائط بالجدار والسيف بالحسام، وإن لم يعلم دقائق اللغة وغوامضها. ومن لم يقف على هذا الحد وزادت مخالطته وسماعه وقراءته، علم ما هو أكثر من ذلك.
وعلى هذا إلى أن ينتهي إلى علم سرائر اللغة وكوامنها، فإنه موقوف على من استوفى شروط المخالطة كلها، وبلغ في القراءة وسماع الروايات إلى الغاية القصوى.
فأما المظنون فهو ما رواه الواحد ولم يجمع باقي أهل اللغة عليه، فإنهم أبدا يقولون في كتبهم: هذا تفرد بروايته فلان، ولم يسمع إلا من جهته. والمشتبه هو الذي اختلف فيه علماء أهل اللغة، فروى بعضهم شيئا، وروى آخرون خلافه.
ولا معول في أن أهل اللغة يستشهدون في كتبهم بالبيت من الشعر الذي لا يقال بإضافته إلى شاعره. ولو عملت أيضا الإضافة لما وثق في اضافته إلى لغة جماعة العرب بقول الشاعر الواحد، لأن ذلك لمن فعله من أهل الكتب والتصنيف لا يدل على أنهم أوردوه احتجاجا وتطرقا إلى العلم.
بل يجري ذلك مجرى من روى ودون في الكتب وخلد في المصنفات خبر الهجرة وبدر وحنين، والصلاة إلى القبلة، وصوم شهر رمضان، وما أشبهه