وخرج أبواه في طلبه فوجداه حين نزلا من جبال البثنية على بحيرة الأردن وقد قعد على شفير البحيرة وأنقع قدميه في الماء وقد كاد العطش يذبحه وهو يقول وعزتك لا أذوق بارد الشراب حتى أعلم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يأكل قرصا من الشعير كان معهما ويشرب من ذلك الماء ففعل ذلك وكفر عن يمينه فمدح بالبر قال الله تعالى وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا ورده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام في صلاته بكى ويبكى زكريا لبكائه حتى يغمى عليه فلم يزل كذلك حتى خرقت دموعه لحم خديه فقالت له أمه يا يحيى لو أذنت لي لاتخذت لك لبدا يواري هذا الخرق قال أنت وذاك فعمدت إلى قطعتي لبود فألصقتهما على خديه فكان إذا بكى استنقعت دموعه في القطعتين فتقوم أمه فتعصرهما فكان إذا نظر إلى دموعه تجري على ذراعي أمه قال اللهم هذه دموعي وهذه أمي وأنا عبدك وأنت الرحمن فأي مال على ما تسمع ورثه يحيى وأي مال ورثه زكريا وإنما كان نجارا وحبرا وقد قال بن عباس في رواية أبي صالح عنه في قوله عز وجل هب لي من لدنك وليا يرثني أي يرثني الحبورة وكان حبرا ويرث من آل يعقوب أي يرث الملك وكان من ولد داود من سبط يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام فأجابه الله عز وجل إلى وراثة
(٢٨١)