قال أبو محمد ونحن نقول إن الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة ووضع عنه وعن أمته الإصر والاغلال التي كانت على بني إسرائيل في دينهم وجعل ذلك نعمة من نعمه التي عددها وأوجب الشكر عليها وليس من أحد فيه غريزة إلا ولها ضد في غيره فمن الناس الحليم ومنهم العجول ومنهم الجبان ومنهم الشجاع ومنهم الحيي ومنهم الوقاح ومنهم الدمث ومنهم العبوس وفي التوراة أن الله تعالى قال إني حين خلقت آدم ركبت جسده من رطب ويابس وسخن وبارد وذلك لأني خلقته من تراب وماء ثم جعلت فيه نفسا وروحا فيبوسة كل جسد خلقته من التراب ورطوبته من قبل الماء وحرارته من قبل النفس وبرودته من قبل الروح ومن النفس حدته وخفته وشهوته ولهوه ولعبه وضحكه وسفهه وخداعه وعنفه وخرقه ومن الروح حلمه ووقاره وعفافه وحياؤه وفهمه وتكرمه وصدقه صبره أفما ترى أن اللعب واللهو من غرائز الانسان والغرائز لا تملك وإن ملكها المرء بمغالبة النفس وقمع المتطلع منها لم يلبث إلا يسيرا حتى يرجع إلى الطبع وكان يقال الطبع أملك وقال الشاعر ومن يبتدع ما ليس من سوس نفسه * يدعه ويغلبه على النفس خيمها وقال آخر
(٢٧٠)