وهذا الحكم فضلا عن أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قاله وبينه للمسلمين، فقد ورد في القرآن أيضا، على نحو أمر إرشادي قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم﴾ (١).
وأما قول أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم فيه تعريض وتقريع للخليفة، ومعناه أن حديث الاستئذان مشهور ومعروف يعرفه الكبار والصغار، وهو غير خفي على أحد من المسلمين. ولكن الصفق بالأسواق كما اعترف بذلك الخليفة بنفسه ألهاه عن معرفة أبسط الأحكام، ومن هذا الحديث يمكننا أن نعرف مرتبة الخليفة العلمية وحله للمعضلات.
٥ - الكلالة: عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة: أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة، فذكر نبي الله (صلى الله عليه وآله) وذكر أبا بكر. ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة، وما راجعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شئ ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟ وإني إن أعش أقض فيها بقضية، يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن (٢).
آية الصيف التي أشير إليها في هذا الحديث هي آخر آية من سورة النساء، وتبين إرث الكلالة. قال تعالى: ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم﴾ (3).