القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا، وإلههم واحد ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم أنزل الله دينا ناقصا، فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى، أم أنزل الله تعالى دينا تاما فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شئ﴾ (١) و ﴿فيه تبيان كل شئ﴾ (2)؟ (3) ولكي نقوم بإثبات هذه المسألة - وأنهم كيف أفتوا الناس بفتاو مناقضة بعضها بعضا، ومباينة للواقع ولماذا انتقد أمير المؤمنين (عليه السلام) سيرتهم في الإفتاء واستنكرها عليهم - نشير إلى أحد عشر فتوى مخالفة للنص القرآني الصريح من الموارد المذكورة في الصحيحين، وأما ما في كتب الحديث والتاريخ وغيرها فهي كثيرة ومتضافرة:
1 - التيمم: نصت الآيات القرآنية (4) والأحاديث على أن الإنسان إذا أجنب، ولم يجد ماءا، أو أن الغسل بالماء فيه ضرر عليه يجب عليه أداء الفرائض بالتيمم حتى يرتفع العذر....
يروى أنه طرحت مسألة الجنابة وفقد الماء في مجلس الخليفة عمر بن الخطاب، ولكنه جهل الحكم المنصوص في القرآن والسنة، فأفتى بترك الصلاة وتعطيلها. فاعترض الصحابي عمار بن ياسر على حكم الخليفة، وذكره بالحكم: التيمم وأداء الصلاة، لكن الخليفة عمر بن الخطاب لم يقنع بجواب عمار، وهدده، فقال عمار: إن شاء الخليفة لم أحدث بهذا بعد.