من خصاصة بل أستر ذلك وأظهر التجمل حتى لا أسوء الصديق وأسر العدو وهذا المعنى أراد بقوله - ولا أغتابه عند زلتي - وقوله - فلما أفاد المال عاد ابن علة - والعرب تقول هم بنو أعيان إذا كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة فإذا كان أبوهم واحدا وأمهاتهم شتى قيل أولاد علات ومنه الحديث المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الأنبياء أولاد علات أي أمهاتهم شتى وأبوهم واحد وكنى الشاعر بذلك عن التباعد والتقاطع والتقالي لان الأكثر من بنى العلات ما ذكرناه.. وقوله - ودابرته - أي قاطعته .. وقوله - ولم أتمطق من نداه ببلة - فالتمطق يكون بالشفتين والتلمظ يكون باللسان وكنى بذلك عن أنه لم يصب من خيره شيئا فصان نفسه عنه (مجلس آخر 67) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (الذي جعل لكم الأرض فراشا) إلى قوله (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).. فقال ما الذي أثبت لهم العلم به وكيف يطابق وصفهم بالعلم ههنا لوصفهم بالجهل في قوله تعالى (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون).. الجواب قلنا هذه الآية معناها متعلق بما قبلها لأنه تعالى أمرهم بعبادته والاعتراف بنعمته ثم عدد عليهم صنوف النعم التي ليست إلا من جهته ليستدلوا بذلك على وجوب عبادته وإن العبادة إنما تجب لأجل النعم المخصوصة فقال جل من قائل (يا أيها الناس اعبدو ربكم الذي خلقكم) إلى آخر الآية ونبه في آخرها على وجوب توحيده والاخلاص له وأن لا يشرك به شيئا بقوله تعالى (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) ومعنى قوله تعالى (جعل لكم الأرض فراشا) أي يمكن أن تستقروا عليها وتفرشوها وتتصرفوا فيها وذلك لا يمكن إلا بأن تكون مبسوطة ساكنة دائمة السكون وقد استدل أبو علي بذلك وبقوله تعالى (وجعل لكم الأرض بساطا) على بطلان ما تقوله له المنجمون من أن الأرض كرية الشكل وهذا القدر لا يدرك لأنه يكفي في النعمة علينا أن يكون فيها بسائط ومواضع مسطوحة يمكن التصرف عليها وليس يجب أن يكون
(٩٦)