معه من النسخ لم نحتج إلى غيره وإنما توهم النسخ لاعتقاده ان خلقهم على الفطرة يمنع من الحاقهم بحكم آبائهم وذلك غير ممتنع. وأما الجواب الذي حكاه عن ابن المبارك ففاسد لان الله تعالى لا يجوز أن يخلق أحدا للكفر فكيف يخلقه له وهو يأمره بالايمان ويريده منه ويعاقبه ويذمه على خلافه. فأما ما روى عنه عليه الصلاة والسلام وقد سئل عن أطفال المشركين فقال الله اعلم بما كانوا عاملين فإنه يحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام سئل عمن لم يبلغ من أطفال المشركين كيف صورته والى أي شئ تنتهي عاقبته فقال عليه الصلاة والسلام الله أعلم بما كانوا يعملون فأراد أن ذلك مستور عنى ولو كانت المسألة عمن اخترم طفلا لم يجز أن يكون الجواب ذلك وأما ابن قتيبة فإنه رد على أبى عبيد من غير وجه يقتضى الرد واعتراض جواب ابن المبارك باعتبار العموم والخصوص وكيف ينبه على فساده من هذه الجهة وقد اختار في تأويل الخبر ما يجري في الفساد والاختلال مجرى تأويل ابن المبارك. فأما النسخ في الاخبار فجائز إذا تضمنت معنى الامر والنهى ويكون ما دل على جواز النسخ في الامر دالا على جواز ذلك فيها وهذا مثل أن يقول عليه الصلاة والسلام الصلاة واجبة عليكم ثم يقول بعد زمان ليست بواجبة فيستدل بالثاني على نسخ الحكم الأول كما لو قال عليه الصلاة والسلام صلوا ثم قال لا تصلوا كان النهى الثاني ناسخا للأول. فأما الجواب الذي ذكره ابن قتيبة فقد بينا فساده فيما تقدم من الأمالي عند تأويلنا قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) وأفسدنا قول من اعتقد أنه مسح ظهر آدم عليه السلام واستخرج منه الذرية وأشهدها على نفوسها وأخذ اقرارها بمعرفته بوجوه من الكلام ولا طائل في إعادة ذلك (مجلس آخر 57) [تأويل آية]. ان سأل سائل عن قوله تعالى (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها) الآية
(٥)