ترجع إلى معنى الارتفاع والعلو والسمو وإن اختلفت المواضع التي أجريت هذه اللفضة فيها وأولى المعاني بالخبر الذي سئلنا عنه ما تقدم من معنى العزة وعلو الشأن والسلطان وما عدا ذلك من المعاني لا يليق به تعالى وأن العلو بالمسافة لا يجوز على القديم تعالى الذي ليس بجسم ولا جوهر ولا حال فيهما ولان الخبر والآية التي تضمنت أيضا ذكر السماء خرجت مخرج المدح ولا مدح في العلو بالمسافة وإنما التمدح بالعلو في الشأن والسلطان ونفاذ الامر ولهذا لا تجد أحدا من العرب مدح غيره في شعر أو نثر بمثل هذه اللفظة وأراد بها علو المسافة بل لا يريد إلا ما ذكرناه من معنى العلو في الشأن وإنما يظن في هذه المواضع خلاف هذا من لا فطنة عنده ولا بصيرة له (مجلس آخر 65) [تأويل آية].. ان سأل سائل عن قوله تعالى (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور) الآية.. الجواب قلنا أما التنور فقد ذكر في معناه وجوه.. أولها أنه تعالى أراد بالتنور وجه الأرض وأن الماء نبع وظهر على وجه الأرض وفار هذا قول عكرمة وقال بن عباس رضي الله عنهما مثله والعرب تسمى وجه الأرض تنورا.. وثانيها أن يكون المراد أن الماء نبع من أعالي الأرض وفار من الأماكن المرتفعة منها وهذا قول قتادة وروى عنه في قوله تعالى (وفار التنور) قال ذكر لنا أنه أرفع الأرض وأشرفها..
وثالثها أن يكون المراد بفار التنور أي برز النور وظهر الضوء وتكاثف حرارة دخول النهار وتقتضي الليل وهذا القول يروى عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.. ورابعها أن يكون المراد بالتنور الذي يختبز فيه على الحقيقة وأنه تنور كان لآدم عليه السلام أبي البشر وقال قوم إن التنور كان في دار نوح عليه السلام بعين وردة من أرض الشام .. وقال آخرون بل كان التنور في ناحية الكوفة والذي روى عنه أن التنور هو تنور الخبز الحقيقي ابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم.. وخامسها أن يكون معنى ذلك اشتد غضب الله تعالى عليهم وحل وقوع نقمته بهم وذكر تعالى التنور مثلا لحضور