تلقون إليهم بالمودة وقال الأعشى ضمنت برزق عيالنا أرماحنا وقال امرؤ القيس هصرت بغصن ذي شماريخ ميال (1) وأظن أبا على أنما شبهته بهذا الجواب لأنه وجد تاليا للآية لفظ أمر وهو قوله تعالى (وأنذرهم يوم الحسرة) فحمل الأول على الثاني والكلام لا تشتبه معانيه من حيث المجاورة بل الواجب أن يوضع كل منه حيث يقتضيه معناه.. [قال المرتضى] رضي الله عنه وجدت جماعة من أهل الأدب يستبعدون ان يرتج على انسان في خطبة وكلام قصد له فينبعث منه في تلك الحال كلام هو أحسن مما قصد إليه وأبلغ مما أرنج عليه دونه ويقولون ان النسيان لا يكون إلا عن حيرة وضلالة فكيف تجتمع معهما البراعة الثاقبة والبلاغة المأثورة مع حاجتهما إلى اجتماع الفكرة وحضور الذكر وينسبون جميع ما يحكى من كلام مستحسن ولفظ مستعذب عمن حصر في خطبة أو في منطق إلى أنه موضوع مصنوع وليس الذي استبعدوه وأنكروه ببعيد ولا منكر لان النسيان قد يخص شيئا دون شئ ويتعلق بجهة دون جهة وهذا أمر متعارف فلا ينكر أن ينسى الانسان شيئا قصده وعزم على الكلام فيه ويكون مع ذلك ذاكرا لغيره متكلما فيه بأبلغ الكلام وأحسنه بل ربما كان الحصر والذهاب عن القصد يحميان القريحة ويوقدان الفكرة فيبعثان على أحسن الكلام وأبرعه ليكون ذلك هربا من العى وانتفاء من اللكنة.. ومن أحسن ما روى من الكلام وأبرعه في حال الحصر والانقطاع عن المقصود من الكلام ما أخبرنا به أبو عبيد الله محمد المرزباني قال حدثنا ابن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال المرزباني وأخبرنا ابن دريد مرة أخرى وقال حدثنا السكن ابن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قالا صعد خالد بن عبد الله القسري
(١٨)