الله) على طريق التوبيخ لقومه وإقامة الحجة عليهم.. فإن قيل على هذا الوجه كيف يخاطب ويسأل من لاعقل له ولافهم.. فالجواب أن في الناس من زعم أن الغرض بهذا القول إذا كان تبكيت الفاعل وتهجينه وإدخال الغم عليه في ذلك الوقت على سبيل العقاب لم يمتنع أن يقع وإن لم يكن من الموؤودة فهم له لان الخطاب وإن علق عليها وتوجه إليها فالغرض في الحقيقة به غيرها قالوا وهذا يجرى مجرى من ضرب ظالم طفلا من ولده فأقبل على ولده يقول له ضربت ما ذنبك وبأي شئ استحل هذا منك فغرضه تبكيت الظالم لاخطاب الطفل والأولى أن يقال في هذا إن الأطفال وإن كانوا من جهة العقول لا بجب في وصولهم إلى الأغراض المستحقة أن يكونوا كاملى العقول كما يجب مثل ذلك في الوصول إلى الثواب فإن الخبر متظاهرا والأمة متفقة على أنهم في الآخرة وعند دخولهم الجنان يكونون على أكمل الهيئات وأفضل الأحوال وإن عقولهم تكون كاملة فعلى هذا يحسن توجه الخطاب إلى الموؤودة لأنها تكون في تلك الحال ممن تفهم الخطاب وتعقله وإن كان الغرض منه التبكيت للقائل وإقامة الحجة عليه.. وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس ويحيى بن يعمر ومجاهد ومسلم بن صبيح وأبى الضحى ومروان وأبى صالح وجابر بن يزيد أنهم قرؤا سئلت بفتح السين والهمزة واسكان التاء بأي ذنب قتلت. وروى باسكان اللام وضم التاء الثانية على أن الموؤودة موصوفة بالسؤال والقول بأي ذنب قتلت.. وروى القطيعي عن مسلم والأعمش عن حفص عن عاصم قتلت بكسر التاء الثانية وفى سئلت مثل قراءة الجمهور بضم السين.. وروى عن أبي جعفر المدني قتلت بالتشديد وإسكان التاء الثانية.. وروى عن بعضهم وإذا الموؤودة سئلت بفتح الميم والواو فأما من قرأ سئلت بفتح السين فيمكن فيه الوجهان اللذان ذكرناهما من أن الله تعالى أكملها في تلك الحال وأقدرها على النطق.. والوجه الثالث أن يكون معنى سئلت أي سألها وطولب بحقها وانتصف لها من ظالمها فكأنها هي السائلة تجوزا واتساعا ومن قرأ بفتح السين وضم التاء الثانية من قتلت فعلى أنها هي المخاطبة بذلك ويجوز في هذا الوجه أيضا قتلت باسكان التاء الأخيرة كقراءة الجماعة لأنه اختاره عنها كما يقال سئل زيد بأي ذنب ضرب وبأي ذنب ضربت وقال يقوى هذه
(١٨٩)