.. وقال آخر كذبتم وبيت الله لا تنكحونها * بنى شاب قرناها تصر وتحلب ولم يرد الكذب في الأقوال بل في التمني والأمل.. وليس لاحد أن يقول كيف يجوز من أهل الآخرة مع أن معارفهم ضرورية وأنهم عارفون ان الرجوع لا سبيل إليه أن يتمنوه وذلك أنه غير ممتنع أن يتمنى المتمني ما يعلم أنه لا يحصل ولا يقع ولهذا يتعلق التمني بما لا يكون وبما قد كان ولقوة اختصاص التمني بما يعلم أنه لا يكون غلط قوم فجعلوا إرادة ما علم المريد أنه لا يكون تمنيا فهذا الذي ذكرناه وجه في تأويل الآية.. وفى الناس من جعل بعض الكلام تمنيا وبعضه إخبارا وعلق تكذيبهم بالخبر دون ليتنا فكان تقدير الآية يا ليتنا نرد وهذا هو التمني ثم قال من بعده فإنا لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين فأخبروا بما علم الله تعالى أنهم فيه كاذبون وإن لم يعلموا من أنفسهم مثل ذلك فلهذا كذبهم تعالى وكل هذا واضح بحمد الله.. أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال حدثني أحمد بن عبد الله وعبد الله بن يحيى العسكريان قالا حدثنا الحسن بن عليل العنبري قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله العبدي قال حدثنا أبو مسعر رجل منا من بنى غنم بن عبد القيس قال، منصور بن سلمة النميري على البرامكة وهو شيخ كبير وكان مروان بن أبي حفصة صديقا لي على أنى كنت أبغضه وأمقته في الله فشكا إلى وقال دخل علينا اليوم رجل أظنه شاميا وقد تقدمته البرامكة في الذكر عند الرشيد فأذن له الرشيد فدخل فسلم وأجاد فأذن له الرشيد فجلس قال فأوجست منه خوفا فقلت يا نفس أنا حجازي نجدى شافهت العرب وشافهتنى وهذا شامي أفتراه أشعر منى قال فجعلت أرقو نفسي إلى أن استنشده هارون فإذا هو والله أفصح الناس فدخلني له حسد فأنشده قصيدة تمنيت أنها لي وأن على غرما فقلت له ما هي قال أحفظ منها أبياتا وهي أمير المؤمنين إليك خضنا * غمار الموت من بلد شطير بخوص كالأهلة خافقات * حملن على السرى وعلى الهجير حملن إليك آمالا عظاما * ومثل الصبح والبدر المنير
(١٨٤)