أي وجد فتقا من السحاب وليس لاحد أن يجعل هذا الوجه مختصا بالقراءة بالتخفيف دون التشديد لان في الوجهين معا يمكن هذا الجواب لان أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع وأفعلت هو الأصل ثم شدد تأكيدا وإفادة لمعنى التكرار وهذا مثل أكرمت وكرمت وأعظمت وعظمت وأوصيت ووصيت وأبلغت وبلغت وهو كثير.. وقال الله تعالى (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه لان استعمال هذه اللفظة مخففة في هذا المعنى أكثر.. والوجه الثالث ما حكى الكسائي من قوله إن المراد انهم لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنه كان أمينا صادقا لم يجربوا عليه كذبا وإنما كانوا يدفعون ما أتى به ويدعون أنه في نفسه كذب وفى الناس من يقوى هذا الوجه وأن القوم كانوا يكذبون ما أتى به وإن كانوا يصدقونه في نفسه بقوله تعالى (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) وبقوله تعالى (وكذب به قومك وهو الحق) ولم يقل وكذبك قومك وكان الكسائي يقرأ فإنهم لا يكذبونك بالتخفيف ونافع من بين سائر السبعة والباقون بالتشديد ويزعم أن بين أكذبه وكذبه فرقا وأن معنى أكذب الرجل أنه جاء بكذب ومعنى كذبته أنه كذاب في حديثه وهذا غلط وليس بين فعلت وأفعلت في هذه الكلمة فرق من طريق المعنى أكثر مما ذكرناه من أن التشديد يقتضى التكرار والتأكيد ومع هذا لا يجوز أن يصدقوه في نفسه ويكذبوا بما أتى به لان من المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام كان يستشهد بصحة ما أتى به وصدقه وأنه الدين القيم والحق الذي لا يجوز العدول عنه وكيف يجوز أن يكون صادقا في خبره
(١٧٧)