أي ثقل حملها أي بمصير ذلك الماء لحما ودما وعظما دعوا الله أي الرجل والمرأة لما استبان حمل المرأة فقالا لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما أي أعطاهما ما سألا من الولد الصالح نسبا ذلك إلى شركاء معه فتعالى الله عما يشركون.. وقال قوم معنى جعلا له شركاء أي طلبا من الله أمثالا للولد الصالح فشركا بين الطلبتين وتكون الهاء في قوله تعالى له راجعة إلى الصالح لا إلى الله تعالى ويجرى مجرى قول القائل طلبت منى درهما فلما أعطيتك أشركته بآخر أي طلبت آخر مضافا إليه وعلى هذا الوجه لا يمتنع أن يكون قوله تعالى جعلا والخطاب كله متوجها إلى آدم وحواء عليهما السلام (مجلس آخر 73) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون).. فقال أليس ظاهر هذا القول يقتضى أنه خالق لا عمال العباد لان ما ههنا بمعنى الذي فكأنه قال خلقكم وخلق أعمالكم.. الجواب قلنا قد حمل أهل الحق هذه الآية على أن المراد بقوله تعالى وما تعملون أي وما تعملون فيه من الحجارة والخشب وغيرهما مما كانوا يتخذونه أصناما ويعبدونها.. قالوا وغير منكر أن يريد بقوله تعالى وما تعلمون ذلك كما أنه قد أراد ما ذكرناه بقوله تعالى وتعبدون ما تنحتون لأنه لم يرد أنكم تعبدون نحتكم الذي هو فعلكم بل أراد ما تفعلون فيه النحت وكما قال تعالى في عصى موسى عليه السلام تلقف ما يأفكون تلقف ما صنعوا وإنما أراد تعالى أن العصى تلقف الحبال التي أظهروا سحرهم فيها وهي التي حلتها صنعتهم وإفكهم فقال تعالى ما صنعوا وما يأفكون وأراد تعالى ما صنعوا فيه وما يأفكون فيه ومثله قوله تعالى (يعملون له ما يشاء من محاريب) وإنما أراد المعمول فيه دون العمل وهذا الاستعمال أيضا سائغ شائع لأنهم يقولون هذا الباب عمل النجار وفى الخلخال هذا عمل الصائغ وإن كانت الأجسام التي أشير إليها ليست أعمالا لهم وإنما عملوا فيها فحسن إجراء هذه العبارة.. فإن قيل كل الذي ذكرتموه وإن استعمل فعلى وجه المجاز والاتساع لان العمل في الحقيقة لا يجرى إلا على فعل الفاعل
(١٤٣)