وإنما اشترط في كونه عبدا للضيف في البيت الأول والثاني ثواءه ونزوله مؤثرا له ليعلم أن الخدمة لم تكن لضعة وصغر قدر بل إنما يوجبه الكرم من حق الأضياف وانه يخرج عن أن يكون مخدوما بخروجه من أن يكون ضيفا ولو قال وإني لعبد الضيف ولم يشرط لم يحصل هذا المعنى الجليل (مجلس آخر 64) [تأويل آية].. إن سأل سائل فقال بم تدفعون من خالفكم في الاستطاعة وزعم أن المكلف يؤمر بما لا يقدر عليه ولا يستطيعه إذا تعلق بقوله تعالى (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) وان الظاهر من هذه الآية يوجب أنهم غير مستطيعين للامر الذي هم غير فاعلين له وأن القدرة مع الفعل وإذا تعلق بقوله تعالى في قصة موسى عليه السلام (إنك لن تستطيع معي صبرا) وأنه نفى كونه قادرا على الصبر في حال هو فيها غير صابر وهذا يوجب أن القدرة مع الفعل وبقوله تعالى (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون).. الجواب يقال له أول ما نقوله ان المخالف لنا في هذا الباب في الاستطاعة لا يصح له فيه التعلق بالسمع لان مذهبه لا يسلم معه صحة السمع ولا يتمكن مع المقام عليه من معرفة السمع بأدلته وإنما قلنا ذلك لان من جوز تكليف الله تعالى الكافر الايمان وهو لا يقدر عليه لا يمكنه العلم نفى القبائح عن الله عز وجل وإذا لم يمكنه ذلك فلابد من أن يلزمه تجويز القبائح في أفعاله تعالى وأخباره ولا يأمن أن يرسل كذابا وأن يخبر وهو بالكذب تعالى عن ذلك فالسمع إن كان كلامه قدح في حجته تجويز الكذب عليه وإن كان كلام رسوله عليه السلام قدح فيه ما يلزمه من تجويز تصديق الكذاب وإنما طرق ذلك تجويز بعض القبائح عليه وليس لهم أن يقولوا إن أمره تعالى الكافر بالايمان وإن لم يقدر عليه يحسن من حيث أتى الكافر
(٧١)