فهذا وجه وقيل أيضا في ذلك أنه أراد تعالي به الشرط وعنى بالآية دوام السماوات والأرض المبدلتين لأنه تعالى قال (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) فأعلما تعالى انهما تبدلان وقد يجوز أن يديمهما بعد التغيير أبدا بلا انقطاع وإنما المنقطع ه دوام السماوات والأرض قبل التبديل والفناء ويمكن أيضا أن يكون المراد انهم خالدون بمقدار مدة السماوات والأرض التي يعلم الله تعالى انقطاعها ثم يزيدها الله تعالى على ذلك ويخلدهم ويؤيد مقامهم وهذا الوجه يليق بالأجوبة التي تتضمن أن الاستثناء أريد به الزيادة على المقدار المقدم لا النقصان. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وجدت أبا القاسم الآمدي قد ظلم البحتري في تفسير بيت له مضاف إليه مع ظلمه له في أشياء كثيرة تأولها على خلاف مراد البحتري وحكى قوله كالبدر إلا أنها لا تجتلى * والشمس إلا أنها لا تغرب ثم قال وهذا فيه سؤال لأنه لما قال - كالبدر الا أنها لا تجتلى - فالمعنى أن عيون الناس كلهم ترى البدر وتجتليه وهي لا تراها العيون ولا تجتلى ثم قال - والشمس الا أنها لا تغرب - وإنما قال لا تجتلى لأنها محجوبة فإذا كانت في حجاب فهي في غروب لان الشمس إذا غربت إنما تدخل تحت حجاب فظاهر المعنى كالبدر الا أن العيون لا تراها والشمس الا أن العيون لا تفقدها قال وهذا القول متناقض كما ترى قال وأظنه أراد انها وإن كانت في حجاب فإنه لا يقال لها غربت تغرب كما لا يقال للشمس وإنما يقال لها إذا سافرت بعدت وغربت إذا توجهت نحو الغرب وقد يقال للرجل أغرب عنا أي أبعد ولو استعار لها اسم الغروب عن الأرض التي تكون فيها إذا ظعنت عنها إلي أرض أخري كان ذلك حسنا جدا لا سيما وقد جعلها شمسا كما قال إبراهيم بن العباس الصولي وزالت زوال الشمس عن مستقرها * فمن مخبري في أي أرض غروبها قال وقد يجوز أن يقول قائل انه أراد لا تغرب تحت الأرض كما تغرب الشمس وهذه معاذير ضيقة لأبي عبادة فإن لم يكن قد أخطأ فقد أساء. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وما المخطئ غير الآمدي ومراد البحتري بقوله أوضح من أن يذهب على متأمل
(١٠)