العذاب كما تقول العرب قد فارت قدر القوم إذا اشتد الحرب وعظم الخطب والوطيس هو التنور وتقول العرب أيضا قد حمى الوطيس إذا اشتد بالقوم حربهم.. قال الشاعر تفور علينا قدرهم فنديمها * ونفثؤها عنا إذا حميها غلا (1) أراد - بقدرهم - حربهم ومعنى - نديمها - نسكنها ومن ذلك الحديث المروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن البول في الماء الدائم يعنى الساكن ويقال قد دوم الطائر في الهواء إذا بسط جناحيه وسكنهما ولم يخفق بهما - ونفثؤها - معناه نسكنها يقال فثأت غضبه عنى وفثأت الحار بالبارد إذا كسرته به.. وسادسها أن يكون التنور الباب الذي يجتمع فيه ماء السفينة فجعل فوران الماء منه والسفينة على الأرض علما على ما أنذر به من اهلاك قومه وهذا القول يروي عن الحسن وأولى الأقوال بالصواب قول من حمل الكلام على التنور الحقيقي لأنه الحقيقة وما سواه مجاز ولان الروايات الظاهرة تشهد له وأضعفها وأبعدها من شهادة الأثر قول من حمل ذلك على شدة الغضب واحتداد الامر تمثيلا وتشبيها لان حمل الكلام على الحقيقة التي تعضدها الرواية أولى من حمله على المجاز والتوسع مع فقد الرواية وأي المعاني أريد بالتنور فان الله تعالى جعل فوران الماء علما لنبيه عليه السلام وانه يدل على نزول العذاب بقومه لينجو بنفسه وبالمؤمنين.. فأما قوله تعالى (من كل زوجين اثنين) فقد قيل إن المراد به إحمل من كل ذكر وأثني اثنين وإنه يقال لكل واحد من الذكر والأنثى زوج.. وقال آخرون الزوجان ههنا الضربان وقال آخرون الزوج اللون وإن كل ضرب يسمى زوجا واستشهدوا ببيت الأعشى في كل زوج من الديباج يلبسه * أبو قدامة محبورا بذاك معا ومعنى (من سبق عليه القول) أي من أخبر الله تعالى بعذابه وحلول الهلاك به والله أعلم بمراده [تأويل خبر].. إن سأل سائل عن الخبر الذي يرويه شريك عن عمار الذهبي عن أبي صالح الحنفي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
(٧٧)