وما تعملون فيه النحت فكيف تعبدون مخلوقا مثلكم.. فإن قيل لهم زعمتم أنه لو كان الامر على ما ذكرناه لم يكن للقول الثاني حظ في باب المنع من عبادة الأصنام وما تنكرون أن يكون لما ذكرناه وجه في المنع من ذلك وإن كان ما ذكرتموه أيضا لو أريد لكان وجها وهو أن من خلقنا وخلق الافعال فينا لا يكون إلا الا له القديم الذي يحق له العبادة وغير القديم تعالى كما يستحيل أن يخلقنا يستحيل أن يخلق فينا الافعال على الوجه الذي يخلقها القديم عليه تعالى فصار لما ذكرناه تأثير.. قلنا معلوم أن الثاني إذا كان كالتعليل للأول والمؤثر في المنع من العبادة فلان يتضمن أنكم مخلوقون وما تعبدونه أولى من أن ينصرف إلى ما ذكرتموه مما لا يقتضى أكثر من خلقهم دون خلق ما عبدوه فإنه لا شئ أدل على المنع من عبادة الأصنام من كونها مخلوقة كما أن عابدها مخلوق ويشهد لما ذكرناه أيضا قوله تعالى في موضع آخر (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون) فاحتج تعالى عليهم في المنع من عبادة الآلهة دونه بأنها مخلوقة لا تخلق شيئا ولا تدفع عن أنفسها ضرا ولا عنهم وهذا واضح على أنه لو ساوى ما ذكروه ما ذكرناه في التعلق بالأول لم يسغ حمله على ما ادعوه لان فيه عذرا لهم في الفعل الذي عنفوا وقرعوا من أجله وقبيح أن يوبخهم بما يعذرهم ويذمهم مما يبرئهم على ما تقدم على أنا لا نسلم أن من يفعل أفعال العباد ويخلقها يستحق العبادة لان من جملة أفعالهم القبائح ومن فعل القبائح لا يكون إلها ولا تحق له العبادة فخرج ما ذكروه من أن يكون مؤثرا بانفراده في العبادة على أن إضافة العمل إليهم لقوله تعالى يبطل تأويلهم هذه الآية لأنه لو كان تعالى خالقا لهما لم يكن عملا لهم لان العمل إنما يكون لمن يحدثه ويوجده فكيف يكون عملا لهم والله خلقهم وهذه مناقضة فثبت بهذا أن الظاهر شاهد لنا أيضا على أن قوله تعالى (وما تعملون) يقتضى الاستقبال وكل فعل لم يوجده فهو معدوم ومحال أن يقول تعالى إني خالق للمعدوم.. فإن قالوا اللفظ وإن كان للاستقبال فالمراد به الماضي كأنه تعالى قال والله خلقكم وما عملتم.. قلنا هذا عدول منكم عن الظاهر الذي ادعيتم أنكم متمسكون به وليس أنتم بأن تعدلوا عنه بأولى منا بل نحن أحق لأنا نعدل عنه بدلالة وأنتم تعدلون بغير حجة.. فإن قيل فأنتم
(١٤٥)