بالاسم أكثر في الكلام وأحسن من جوابه بالفعل ألا تري أن المعنى ما أدراك ما اقتحام العقبة هو فك رقبة وإطعام ذلك أحسن من أن يقال هو فك رقبة أو أطعم ومال الفراء إلى القراءة بلفظ الفعل ورجحها بقوله تعالى (ثم كان من الذين آمنوا) لأنه فعل فالأولى أن يتبع فعلا وليس يمتنع أن نفس اقتحام العقبة وإن كان اسما فهو فعل يدل على الاسم مثل قول القائل ما أدراك ما زيد يقول مفسرا يصنع الخير ويفعل المعروف وما أشبه ذلك فيأتي بالافعال - والسغب - الجوع وإنما أراد أنه يطعم في يوم ذي مجاعة لان الاطعام فيه أفضل وأكرم.. فأما - مقربة - فمعناه يتيما ذا قربى من قرابة النسب والرحم وهذا حض على تقديم ذي النسب والقربى المحتاجين على الأجانب في الافضال - والمسكين - الفقير الشديد الفقر - والمتربة - مفعلة من التراب أي هو لاصق بالأرض من ضره وحاجته ويجرى مجرى قولهم في الفقير مدقع وهو مأخوذ من الدقع وهو الأرض التي لا شئ فيها.. وقال قوم ذا متربة أي ذا عيال والمرحمة مفعلة من الرحمة وقيل إنه من الرحم وقد يمكن في مقربة أن يكون غير مأخوذ من القرابة والقربى بل من القرب الذي هو من الخاصرة فكأن المعنى أنه يطعم من خاصرته ولصقت من شدة الجوع والضر وهذا أعم في المعنى من الأول وأشبه بقوله تعالى (ذا متربة) لان كل ذلك مبالغة في وصفه بالضر وليس من المبالغة في الوصف بالضر أن يكون قريب النسب والله أعلم بمراده.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه ومن طريف المدح ومليحه قول الشاعر وكأنه من وفده عند القرا * لولا مقام المادح المتكلم وكأنه أخذ الندا بثيابه * لولا مقالته أطب للمؤدم ويقارب ذلك قول محمد بن خارجة في المعنى سهل الفناء إذا حللت ببابه * طلق اليدين مؤدب الخدام وإذا رأيت صديقه وشقيقه * لم تذر أيهما أخو الأرحام (1)
(٢٠١)