لا تعرضن بمزح لامرئ فطن * ما راضه قلبه أجراه في الشفة فرب قافية بالمزح جارية * مشؤمة لم يرد إنماؤها نمت إني إذا قلت بيتا مات قائله * ومن يقال له والبيت لم يمت (مجلس آخر 78) [تأويل آية أخرى].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) الآية.. وعن قوله تعالى (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب) الآية.. فقال كيف يقع من أهل الآخرة نفى الشرك عن أنفسهم والقسم بالله تعالى عليه وهم كاذبون في ذلك مع أنهم عندكم في تلك الحال لا يقع منهم شئ من القبيح لمعرفتهم بالله تعالى ضرورة ولأنهم ملجؤون هناك إلى ترك جميع القبائح وكيف قال من بعد (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) فشهد عليهم بالكذب ثم علقه بما لا يصح فيه معنى الكذب وهو التمني لأنهم تمنوا ولم يخبروا..
الجواب قلنا أول ما نقوله إنه ليس في ظاهر الآية ما يقتضى أن قولهم (ما كنا مشركين) إنما وقع في الآخرة دون الدنيا وإذا لم يكن ذلك في الظاهر جاز أن يكون الاخبار يتناول حال الدنيا وسقطت المسألة وليس لاحد أن يتعلق في وقوع ذلك في الآخرة بقوله تعالى قبل الآية (ويوم محشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) وأنه عقب ذلك بقوله تعالى (ثم لم تكن فتنتهم) فيجب أن يكون الجميع مختصا بحال الآخرة لأنه لا يمنع أن يكون الآية تتناول ما يجرى في الآخرة ثم