بما ذكرناه وأن القوم استعجلوا عقاب الله تعالى (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) إلى قوله (ولا ينفعكم نصحي) فأخبر أن نصحه لا ينفع من يريد الله تعالى أن ينزل به العذاب ولا يغنى عنه شيئا.. وقال جعفر بن حرب إن الآية تتعلق بأنه كان في قوم نوح عليه السلام طائفة تقول بالجبر فنبههم الله تعالى بهذا القول على فساد مذهبهم وقال لهم على طريق الانكار والتجعب من قولهم إن كان القول كما تقولون من أن الله يفعل فيكم الكفر والفساد فما ينفعكم نصحي فلا تطلبوا منى نصحا وأنتم على ذلك لا تنتفعون به وهذا جيد.. وروى عن الحسن البصري في هذه الآية وجه صالح وهو أنه قال المعنى فيها إن الله يريد أن يعذبكم فليس ينفعكم نصحي عند نزول العذاب بكم وإن قبلتموه وآمنتم به لان من حكم الله تعالى أن لا يقبل الايمان عند نزول العذاب وهذا كله واضح في زوال الشبهة بالآية.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه ومن مستحسن ما قيل في صفة المصلوب قول أبى تمام في قصيدة يمدح بها المعتصم ويذكر قتل الأفشين وحرقه وصلبه ما زال سر الكفر بين ضلوعه * حتى اصطلى سر الزناد الوارى نارا يساور جسمه من حرها * لهب كما عصفرت شق إزار طارت لها شعل يهدم لفحها * أركانه هدما بغير غبار فصلن منه كل مجمع مفصل * وفعلن فاقرة بكل فقار مشبوبة رفعت لأعظم مشرك * ما كان يرفع ضوءها للساري صلى لها حيا وكان وقودها * ميتا ويدخلها مع الكفار وكذاك أهل النار في الدنيا هم * يوم القيامة جل أهل النار يا مشهدا صدرت بفرحته إلى * أمصارها القصوى بنو الأمصار رمقوا أعالي جذعه فكأنما * رمقوا الهلال عشية الافطار
(١٥٦)