فأما الترجيح بأن الكلام لو أريد به النفي لم يتصل وقد ثبت أنه متصل مع أن المراد به النفي لان قوله تعالى (ثم كان من الذين آمنوا) معطوف على قوله فلا اقتحم العقبة ثم كان من الذين آمنوا فالمعنى أنه ما اقتحم العقبة ولا آمن على ما بينا.. فأما المراد بالعقبة فاختلف فيه فقال قوم هي عقبة ملساء في جهنم واقتحامها فك رقبة.. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أمامكم عقبة كؤود لا يجوزها المثقلون وأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة.. وروى عن ابن عباس أنه قال هي عقبة كؤود في جهنم وروى أيضا أنه قال العقبة هي النار نفسها فعلى الوجه الأول يكون التفسير للعقبة بقوله فك رقبة على معنى ما يؤدى إلى اقتحام هذه العقبة ويكون سببا لجوازها والنجاة منها لان فك رقبة وما أتى بعد ذلك ليس هو النار نفسها ولا موضعا.. وقال آخرون بل العقبة ما ورد مفسرا لها من فك الرقبة والاطعام في يوم المسغبة وإنما سمى ذلك عقبة لصعوبته على النفوس ومشقته عليها وليس يليق بهذا الوجه الجواب الذي ذكرناه في معنى قوله (فلا اقتحم العقبة) وأنه على وجه الدعاء لان الدعاء لا يحسن إلا بالمستحق له ولا يجوز أن تدعي على أحد بأن لا يقع منه ما كلف وقوعه وفك الرقبة والاطعام المذكور من الطاعات فكيف يدعى على أحد بأن لا يقع منه فهذا الوجه يطابق أن يكون العقبة هي النار نفسها أو عقبة فيها.. وقد اختلف الناس في قوله فك رقبة فقرأ علي عليه السلام ومجاهد وأهل مكة والحسن وأبو رجاء العطاردي وأبو عمرو بن العلاء والكسائي فك رقبة بفتح الكاف ونصب الرقبة وقرأوا أو أطعم على الفعل دون الاسم وقرأ أهل المدينة وأهل الشام وعاصم وحمزة ويحيى بن وثاب ويعقوب الحضرمي فك بضم الكاف وخفض رقبة واطعام على المصدر وتنوين الميم وضمها.. فمن قرأ على الاسم ذهب إلى أن جواب الاسم
(٢٠٠)