لان من طمع في النجاة والخلاص من المكروه واشتد حرصه على ذلك ثم حيل بينه وبين الفرج ورد إلى المكروه يكون عذابه أصعب وأغلظ من عذاب ما لا طريق للطمع عليه.. فإن قيل فعلى هذا الجواب ما الفعل الذي هو الاستهزاء.. قلنا في ترداده لهم من باب إلى آخر على سبيل التعذيب معنى الاستهزاء من حيث كان إظهار لما المراد خلافه وإن لم يكن من معنى الاستهزاء ما يقتضى قبحه من اللهو واللعب وما جرى مجرى ذلك..
والجواب السابع أن يكون ما وقع منه تعالى ليس باستهزاء على الحقيقة لكنه سماه بذلك ليزدوج اللفظ ويخف على اللسان وللعرب في ذلك عادة معروفة في كلامها والشواهد عليه مذكورة مشهورة وهذه الوجوه التي ذكرناها في الآية يمكن أن تذكر في قوله تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وفى قوله (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) فليتأمل ذلك.. وأما قوله تعالى (ويمدهم في طغيانهم يعمهون) فيحتمل وجهين.. أحدهما أن يريد أنى أملى لهم في العمر وأمهلهم ليؤمنوا ويطيعوا وهم مع ذلك مستمسكون بطغيانهم وعمهم.. والوجه الآخر أن يريد بيمدهم أن يتركهم من فوائده ومنحه التي يؤتيها المؤمنين ثوابا لهم ويمنعها من الكافرين عقابا كشرحه لصدورهم وتنويره لقلوبهم وكل هذا واضح بحمد الله.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وإني لأستحسن لبعض الاعراب قوله خليلي هل يشفي من الشوق والجوى * يد وذرى الأوطان لابل يشوقها ويزداد في قرب إليها صبابة * ويبعد من فرط اشتياق طريقها وما ينفع الحران ذا اللوح أن يرى * حياض القرى مملوءة لا يذوقها ولآخر في تذكر الأوطان والحنين إليها ألا قل لدار بين أكثبة الحمى * وذات الغضا جادت عليك الهواضب أجدك لا آتيك إلا تقلبت * دموع أضاعت ما حفظت سواكب ديار تناسمت الهواء بجوها * وطاوعنى فيها الهوى والحبائب