بعضه وأثرت في بعض فأما البيت الثاني فلا حجة في حمله لأنه لم يتضمن إثباتا ونفيا وإنما دعا له بان لا يبعد ثم رجع إلى قوله بلى إنه ليبعد من زار القبور وما يدعى به غير واجب عليه ولا ثابت فيكف به في البيت الثاني.. وقد يمكن في البيت وجه آخر وهو أن يكون معنى لم يعف رسمها أي لم يزد فيكثر فيظهر حتى يعرفه المترسم ويتنبه المتأمل بل هو خاف غير لائح ولا ظاهر ثم قال من بعد فهل عند رسم دارس من معول فلم يتناقض الأول لأنه قد أثبت الدروس له في كلا الموضعين ولا شبهة في أن عفا من حروف الأضداد التي تستعمل تارة في الدروس وتارة في الزيادة والكثرة قال الله تعالى (حتى عفوا) أي كثروا قد عفا الشعر أي كثر وقال الشاعر ولكنا نعض السيف منها * بأسوق عافيات اللحم كوم أراد كثيرات اللحم يقال قد عفا وبر البعير إذا زاد ويقال أعفيت الشعر وعفوته إذا كثرته وزدت فيه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تحفى الشوارب وتعفى اللحي أي توفر وهذا الوجه عندي أشبه مما تقدم (مجلس آخر 68) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) الآية فقال من هارون الذي نسبت مريم عليها السلام إلى أنها أخته.. ومعلوم أنها لم تكن أختا لهارون أخي موسى عليهما السلام وما معنى (من كان في المهد صبيا) ولفظة كان تدل على ما مضى من الزمان وعيسى عليه السلام في حال قولهم ذلك كان في المهد.. الجواب قلنا أما هارون الذي نسبت إليه مريم عليها السلام فقد قيل فيه أقوال منها أن هارون المذكور في الآية كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر والشر وفساد الطريقة فلما أنكروا ما جاءت به من الولد وظنوا بها ما هي مبرأة منه نسبوها إلى هذا الرجل تشبيها وتمثيلا وكان تقدير الكلام يا شبيهة هارون في فسقه وقبح فعله وهذا القول يروى عن سعيد بن جبير.. ومنها أن هارون هذا كان أخاها لأبيها دون أمها
(١٠٥)