تعالى (ما كانوا يستطيعون السمع) فلا تعلق لهم بظاهره لان السمع ليس بمعنى فيكون مقدورا لان الادراك على المذهب الصحيح ليس بمعنى ولو ثبت أنه معنى على ما يقوله أبو علي لكان أيضا غير مقدور للعبد من حيث اختص تعالى بالقدرة عليه هذا ان أريد السمع الادراك وإن أريد به نفس الحاسة فهي أيضا غير مقدورة للعباد لان الجواهر وما تختص به الحواس من البنية والمعاني لا يصح بها الادراك فإنه مما ينفرد به القديم تعالى في القدرة عليه فالظاهر لا حجة لهم فيه.. فان قالوا فلعل المراد بالسمع كونهم سامعين كأنه تعالى نفى عنهم استطاعة أن يسمعوا.. قلنا: هذا خلاف الظاهر ولو ثبت أن المراد ذلك لحملنا نفى الاستطاعة على ما تقدم ذكره من الاستثقال وشدة المشقة كما يقول القائل فلان لا يستطيع أن يراني ولا يقدر على أن يكلمني وما أشبه ذلك وهذا بين لمن تأمله [تأويل خبر].. إن سأل سائل فقال ما تأويل ما رواه بشار عن معاوية بن الحكم قال قلت يا رسول الله كانت لي جارية ترعي غنما لي قبل أحد فذهب الذئب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكني غضبت فصككتها صكة قال فعظم ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال عليه الصلاة والسلام أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام أعتقها فإنها مؤمنة.. الجواب أما قوله - أنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون - فمعناه أغضب كما يغضبون.. قال محمد بن الحبيب وأنشد للراعي فما لحقتني العيس حتى وجدتني * أسيفا على حاديهم المتجرد والأسف أيضا الحزن.. قال ابن الاعرابي الأسف الحزن والغضب قال كعب في كل يوم أرى فيه منيته * تكاد يسقط منى منة أسفا وقوله - ولكني غضبت فصككتها - أراد لطمتها يقال صك جبهته إذا لطمها بيده قال الله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها).. وقال بشر بن أبي خازم يصف حمار وحش وأتانا فيصك محجره إذا ما سافها * وجبينه بحوافر لم تنكب
(٧٤)