(مجلس آخر 74) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم) (1).. فقال أوليس ظاهر
(1) قوله - تعالى (ولا ينفعكم نصحي ان أردت أن أنصح لكم) الآية.. في هذه الآية خلاف فمن النحويين من جعل الشرط الثاني معترضا بين الشرط الأول وجوابه المقدر ومنهم من قال ليست من هذا الباب.. قالوا وحجتنا على ذلك انا نقدر جواب الشرط الأول تاليا له مدلولا عليه بما تقدم عليه وجواب الثاني كذلك مدلولا عليه بالشرط الأول وجوابه المتقدمين عليه فيكون التقدير ان أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم فإن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي.. واعلم أن الشرط إذا دخل على شرط فتارة يكون بعطف وتارة يكون بغيره فإذا كان بعطف فأطلق ابن مالك ان الجواب لأولهما لسبقه وفصل غيره فقال إن كان العطف بالواو فالجواب لهما لان الواو للجمع نحو ان تأتني وان تحسن إلى أحسن إليك وإن كان العطف بأو فالجواب لأحدهما لان أو لاحد الشيئين نحو ان جاء زيد أو إن جاءت هند فأكرمه أو فأكرمها وإن كان العطف بالفاء فالجواب للثاني والثاني وجوابه جواب للأول وإن كان بغير عطف فالجواب لأولهما والشرط الثاني مقيد للأول كتقييده بحال واقعة موقعه كقوله ان تستغيثوا بنا ان تذعروا تجدوا * منا معا قل عز زانها كرم فتجدوا جواب بان تستغيثوا وان تذعروا بالبناء للمفعول مقيد للأول على معنى ان تستغيثوا بنا مذعورين تجدوا.. ومن فروع المسألة وهي اعتراض شرط في شرط ما إذا قال لامرأته ان أكلت إن شربت فأنت طالق فلا تطلق على الأصح الا إذا شربت ثم أكلت لان التقدير عليه ان شربت فان أكلت فأنت طالق فالثاني أول والأول ثان وعلى مقابله لا تطلق الا إذا أكلت ثم شربت لان التقدير عليه ان أكلت فان شربت فأنت طالق فالأول أول والثاني ثان.. واعلم أن تصحيح الأول هو على مذهب لشافعية والحنفية ووجهه ابن الحاجب بأنه لا يصح أن يكون الجواب للشرطين معا والا توارد معمولان على معمول واحد ولا لغيرهما والا لزم ذكر ما لا دخل له في ربط الجزاء وترك ماله دخل ولا للثاني لأنه يلزم حينئذ أن يكون الثاني وجوابه جوابا للأول فتجب الفاء ولا فاء وحذفها شاذ أو ضرورة فتعين أن يكون جوابا للأول والأول وجوابه دليل جواب الثاني.. قال الدمامينى ومذهب مالك الطلاق سواء أتت بالشرطين مرتبين كما هما في اللفظ أو عكست الترتيب.. قال وبعض أصحابنا يوجه ذلك بأنه على حذف واو العطف كما في قول الشاعر كيف أصبحت كيف أمسيت مما * يغرس الود في فؤاد اللبيب .. ثم قال والا أدرى وجه اشتراط أهل المذهبين يعنى مذهبي الشافعية والمالكية في وقوع الطلاق فعلها لمجموع الامرين مع أنه يمكن أن يكون جواب الأول محذوفا لدلالة جواب الثاني ولا محذور في حذف الجواب بل هو أسهل من تقديرهم لما فيه من الحذف والفصل بين الشرط الأول وجوابه بالشرط الثاني