والاغراض مختلفة فلا دلالة في ظاهر مسألة الرؤية على جوازها ولأصحابنا عن هذه المسألة أجوبة..
منها وهو الأولى والأقوى أن يكون موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية لنفسه وإنما سألها لقومه فقد روى أنهم طلبوا ذلك منه والتمسوه فأجابهم بأنها لا تجوز عليه تعالى فلم يقنعوا بجوابه وآثروا أن يرد الجواب من قبل ربه تعالى فوعدهم ذلك وغلب في ظنه أن الجواب إذ ورد من جهته جل عز وجل كان أحسم للشبهة وأبلغ في دفعها عنهم فاختار السبعين الذين حضروا الميقات ليكون سؤاله بمحضر منهم فيعرفوا ما يرد من الجواب فسأل وأجيب بما يدل على أن الرؤية لا تجوز عليه تعالى ويقوى هذا الجوا أأشفقتم أشياء.. منها قوله تعالى (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء) الآية.. ومنها قوله تعالى (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) الآية .. ومنها قوله تعالى (فلما أخذتهم الرجفة قال رب) الآية لان إضافة ذلك إلى السفهاء تدل على أنه كان بسببهم ومن أجلهم ولأنهم سألوا ما لا يجوز عليه تعالى.. ومنها ذكر الجهرة في الرؤية وهي لا تليق إلا برؤية البصر دون العلم وهذا يقوى أن الطلب لم يكن للعلم الضروري على ما سنذكره في الجواب الثاني.. ومنها قوله (أنظر إليك) لأنا إذا حملنا الآية على طلب الرؤية لقومه أمكن إن يحمل قوله (أنظر إليك) على حقيقته وإذا حملت الآية على طلب العلم الضروري احتيج إلى حذف في الكلام ويصير تقديره أرني أنظر إلى الآيات التي عندها أعرفك ضرورة.. ويمكن في هذا الوجه الأخير خاصة أن يقال إذا كان المذهب الصحيح عندكم هو أن النظر في الحقيقة غير الرؤية فكيف يكون قوله تعالى أنظر إليك حقيقة في جواب من حمل الآية على طلب الرؤية لقومه.. فإن قلتم لا يمتنع أن يكونوا التمسوا الرؤية التي يكون معها النظر والتحديق إلى الجهة فسأل عليه الصلاة والسلام على حسب ما طلبوا.. قيل لكم هذا ينقض فرقكم في هذا الجواب بين سؤال الرؤية وبين سؤال جميع ما يستحيل عليه من الصاحبة والولد وما يقتضى الجسمية بأن تقولوا الشك في الرؤية لا يمنع من معرفة السمع والشك في جميع ما ذكر يمنع من ذلك لأن الشك الذي لا يمنع من معرفة صحة السمع إنما هو في الرؤية التي لا يكون معها نظر فلا يقتضى التشبيه.. فان قلتم الذي يمنع من معرفة السمع إنما يحمل ذكر النظر