أيضا تعدلون عن هذا الظاهر بعينه على تأويلكم وتحملون لفظ الاستقبال على لفظ الماضي.. قلنا لا نحتاج نحن في تأويلنا إلى ذلك لأنا إذا حملنا قوله تعالى (وما تعلمون) على الأصنام المعمول فيها.. ومعلوم أن الأصنام موجودة قبل عملهم فيها فجاز أن يقول تعالى إني خلقتها ولا يجوز أن يقول أنى خلقت ما سيقع من العمل في المستقبل على أنه تعالى لو أراد بذلك أعمالهم لا ما عملوا فيه على ما ادعوه لم يكن في الظاهر حجة على ما يريدون لان الخلق هو التقدير والتدبير وليس يمتنع في اللغة أن يكون الخالق خالقا لفعل غيره إذا قدره ودبره ألا ترى أنهم يقولون خلقت الأديم وإن لم الأديم فعلا لمن يقول ذلك فيه ويكون معنى خلقه لافعال العباد أنه مقدر لها ومعرف لنا مقاديرها ومراتبها وما به نستحق عليها من الجزاء وليس يمتنع أن يقال إنه خالق للأعمال على هذا المعنى إذا ارتفع الابهام وفهم المراد فهذا كله تقتضيه الآية ولو لم يكن في الآية شئ مما ذكرناه مما يوجب العدول عن حمل قوله تعالى (وما تعملون) على خلق نفس الأعمال لوجب أن نعدل بها عن ذلك ونحملها على ما ذكرناه بالأدلة العقلية الدالة على أنه تعالى لا يجوز أن يكون خالقا لأعمالنا وإن تصرفنا محدث منا ولا فاعل له سوانا وكل هذا واضح والحمد لله تعالى والمنة.. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه وإني لأستحسن لبعض نساء بنى أسد قولها ألم ترنا غبنا ماؤنا * زمانا فظلنا نكد البئارا فلما عدا الماء أوطانه * وجف الثماد فصارت حرارا وضجت إلى ربها في السماء * رؤس العصاة تناجى السرارا وفتحت الأرض أفواهها * عجيج الجمال وردن الجفارا لبسنا لدى عطن ليلة * على اليأس أثيابنا والخمارا وقلنا أعيروا الندى حقه * وسيروا الحفاظ وموتوا حرارا
(١٤٦)