وقال غيره كان ههنا بمعنى خلق ووجد كما قالت العرب كان الحر وكان البرد أي وجدا وحدثا.. وقال قوم لفظة كان وإن أريد بها الماضي فقد يراد بها الحال والاستقبال كقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) أي أنتم كذلك وكذلك قوله تعالى (هل كنت إلا بشرا رسولا) وقول الله تعالى (وكان الله عليما حكيما) وإن كان قد قيل في هذه الآية الأخيرة غير هذا.. قيل إن القوم شاهدوا من آثار علمه وحكمته تعالى ما شاهدوا فأخبرهم تعالى أنه لم يزل عليما حكيما أي فلا تظنوا انه استفاد علما وحكمة لم يكن عليهما.. ومما يقوى مذهب من وضع لفظة الماضي في موضع الحال والاستقبال قوله تعالى (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم) وقوله تعالى (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) وقولهم في الدعاء غفر الله لك وأطال بقاك وما جرى مجرى ذلك ومعنى الكل يفعل الله ذلك بك الا أنه لما أمن اللبس وضع لفظ الماضي في موضع المستقبل قال الشاعر فأدركت من قد كان قبلي ولم أدع * لمن كان بعدى في الفضائل مقعدا أراد لمن يكون بعدى.. ومما جعلوا فيه المستقبل في موضع الماضي قول الصلتان العبدي يرثى المغيرة بن المهلب قل للقوافل والغزاة إذا غزوا * والباكرين وللمجد الرائح (1) إن الشجاعة والسماحة ضمنا * قبرا بمرو على الطريق الواضح (2)
(١٠٧)