.. وجدت الآمدي يروى هذا البيت أنك محبس بالباء.. وتفسير ذلك أن المعنى أنك موقوف إلى أن تصير إلى هذا من قولك أحبست فرسا في سبيل الله وأحبست داري أي وقفتها والرواية المشهورة أنك محلس باللام (1).. والمعنى أنك متهىء للرحيل ومتخذ حلسا يوضع تحت الرحل وهذا أشبه بالمعنى الذي قصده البحتري وأولى بأن يختاره مع دقة طبعه وسلامة ألفاظه (مجلس آخر 72) [تأويل آية].. إن سأل سائل عن قوله تعالى (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) إلى قوله (تعالى الله عما يشركون).. فقال أليس ظاهر هذه الآية يقتضى جواز الشرك بالله على الأنبياء عليهم السلام لأنه لم يتقدم إلا ذكر آدم وحواء عليهما السلام فيجب أن يكون قوله تعالى (جعلا له شركاء فيما آتاهما) يرجع إليهما.. الجواب قلنا كما أن ذكر آدم وحواء عليهما السلام قد تقدم فقد تقدم أيضا ذكر غيرهما في قوله تعالى (هو الذي خلقكم) ومعلوم أن المراد بذلك جميع ولد آدم عليه السلام في قوله (فلما آتاهما صالحا) وأراد بالصلاح الاستواء في الأعضاء والمعنى فلما آتاهما ولدا صالحا والمراد بهذا الجنس دون الواحد وإن كان اللفظ لفظ وحدة والمعنى فلما آتاهما جنسا من الأولاد صالحين.. وإذا كان الامر على ما ذكرناه جاز أن يرجع قوله تعالى (جعلا له شركاء) إلى ولدهما وقد تقدم ذكرهم.. فإن قيل إنما وجب رده إلى آدم وحواء عليهما السلام لأجل التثنية في الكلام ولم يتقدم ذكر اثنين إلا ذكرهما عليهما السلام.. قلنا إن جعل هذا ترجيحا في رجوعه إليهما جاز أيضا إن يجعل قوله تعالى في آخر الآية (تعالى الله غما يشركون)
(١٣٧)