قال: ما كان سبب ذلك فقص عليه قصة طويلة، فقال لصاحب الشرطة: خل عنه. وقال لخادم آخر: خذه فغير حاله واكسه وادفع إليه كذا وكذا دينارا.
وقال لصاحب الشرطة انصرف، ثم رفع رأسه وقال يا ابن حمدون: الحمد لله الذي وفقني لهذا الفعل ففرج عنى. فقلت وكيف تكلف أمير المؤمنين النظر في هذا بنفسه في مثل هذا الوقت؟ فقال: ويحك إني رأيت الساعة رجلا في منامي يقول في حبسك رجلان مظلومان يقال لأحدهما فلان بن فلان الجمال، والآخر فلان بن فلان الحداد. فاطلقهما الساعة وانصفهما من خصومهما وأحسن إليهما فانتبهت مذعورا ثم نمت فما استثقلت حتى رأيت الشخص بعينه. فقال ويلك آمرك أن تطلق رجلين مظلومين في حبسك قد طال مكثهما وتحسن إليهما فلا تفعل وترجع إلى نومك لصممت أن أوجعك وكان يمد يده إلى فقلت يا هذا: من أنت قال محمد رسول الله. فكأني قد قبلت يده وقلت يا رسول الله: ما عرفتك ولو عرفتك ما تجاسرت على النوم. ولا على تأخير أمرك. فقال: قم فافعل في أمرهما الساعة ما أمرتك به فانتبهت واستدعيتك لتشاهد ما يجرى فقلت هذه عناية رسول الله صلى الله عليه وسلم واهتمام لأمير المؤمنين بما أصح دينه وثبت ملكه ومنة عظيمة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم فليشكر الله تعالى أمير المؤمنين وليكثر من الصدقة. فقا امض فقد أزعجتك فعدت إلى حجرتي فلما كان من غد عشيا دخلت إليه وهو جالس على الرسم للشرب فأحببت أعرف الجلساء ما جرى ليس هو بذلك، وكنت أعرف من طبعه أنه يحب الاطراء والمدح ونشر ما هذا سبيله إذا عمل جميلا أكثر من ذكره ويتبجح به وإن كان صغيرا، فقلت أرى أمير المؤمنين لم يخبر خدمه بما كان من المعجزة البارحة من أمر صاحب الشرطة والجمال والحداد ورؤياه النبي صلى الله عليه وسلم وما أمره به وما تقدم به إلى أمير المؤمنين من إنصافهما والاحسان إليهما. فقال: والله ما أذكر من هذا شيئا وما كنت إلا سكرانا نائما طول ليلتي ما انتبهت. فقلت يا سيدي فتنكر؟! وقال يا ابن حمدون: أتغالطني وتخادعني بالكذب؟ فقلت أعيذ أمير المؤمنين بالله هذا أمر مشهور في الدار عند الخدم الخاصة فقال: من