الحسن بن سلمة كاتب خزيمة قال: نظر خزيمة يوما إلى هذا الرجل في داره وكان لقيه وخاطبه قبل ذلك بيوم وأضجره ووافق من خزيمة ضجرا بشئ حدث من أمور المملكة مع ما فيه من الجبروتية والكبر فحين خاطبه الرجل صاح فيه وأمر بإخراجه من داره إخراجا عنيفا ثم دعاني فقال: والله لئن دخل هذا الرجل داري لأضربن عنقه فأخبره بذلك وحذره، وتقدم إلى البوابين والحجاب بذلك. وكان خزيمة إذا وعد أو توعد فليس إلا الوفاء فخرجت إلى البوابين والحجاب وأصحاب المقارع فبالغت في تحذيرهم وعرفتهم ما قال وأنه حلف أن يضرب أعناقهم وأكدت القصة والوصية بجهدي مستظهرا لنفسي ومضيت خارج الدار فإذا الرجل واقفا فأعلمته أن دمه مرتهن بنظرة ينظرها إليه خزيمة في دار السلطان، أو على بابه أو في بعض الطريق وحذرته تحذيرا شديدا، وخوفته بالله عز وجل في دمه أن لا يجعل لي نفسه سبيلا فشكرني على تحذيره وانصرف كئيبا. فلما أصبحنا من غد غدوة إلى دار خزيمة على رسمي في الملازمة فلما دنوت من الباب إذا بالرجل واقفا كما كان يقف منتظرا لركوبه فعظم ذلك على فقلت يا هذا: أما تخاف الله عز وجل أتحب أن تقتل نفسك، أما تعرف الرجل؟ فقال: والله ما أتيت هذا الرجل جهلا منى ولا اغترارا بل أتيته على أصل قوى وسبب وثيق وستري من لطف الله عز وجل ما يسرك وتعجب منه. قال الحسن بن سلمة فزاد عجبي منه ودخلت الدار فصادفت خزيمة في صحن الدار يريد الركوب فحين نظر إلى قال لي ما فعل حامد بن عمرو؟ قلت رأيته الساعة بالباب وقد تهددته فلما رأيته اليوم بالباب تعجبت من جهله وعوده مع ما أعذرت إليه من الوعيد وأمرته بالانصراف فأجابني بجواب لا أدرى ما هو فأنا برئ من فعله. فقال:
بأي شئ أجابك؟ فأخبرته فسكت خزيمة وخرج فركب فحين رآه ترجل له حامد فصاح خزيمة لا تفعل وألحقني إلى دار أمير المؤمنين قال وسرنا ودخل إلى دار أمير المؤمنين الرشيد ودخلنا معه إلى حيث جرت عادتنا أن نبلغه معه من الدار فجلسنا فيه ومضى خزيمة يريد دار الخليفة وجاء حامد فجلس