كان حاضرا؟ قلت: فلان الخادم وفلان صاحب الشرطة واقتصصت القصة وشرحتها فاستدعى الخدم فحدثوه بمثل ذلك فأظهر عجبا شديدا وحلف بالله عز وجل وبالقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأنه نفى من العباس ابن عبد المطلب أنه لم يذكر من هذا كله شيئا، ولا يعلم إلا أنه كان نائما ولا رأى مناما ولا انتبه ولا جلس ولا استدعى أحدا ولا أمر بأمر فما رأيت بأعجب من المنام والحال ولا أظرف من نسيانه.
ووجدته في بعض الكتب على قريب من هذه الألفاظ إلا أنه ليس فيه حديث الأترج وذكر فيه: أن الجمال كان يسمى نصرا وأن قصته إنه كان من أهل نهاوندا وله جمال يكريها فاكترى عامل المعونة منها عشرين جملا وحمل عليهم عشرين رجلا من الأكراد أسرى ليحملهم إلى الحضرة فسار الجمال فهرب في بعض الطريق واحد من جماله فوقع لصاحب المعونة أن نصرا الجمال هربه فقيده وحمله مكانه فلما دخلوا الحضرة أنفذ الجمال مع القوم إلى الحبس وأخذ صاحب المعونة جماله * وإن قصة الحداد أنه كان رجلا من أهل الشام وكانت له نعمة فزالت عنه فهرب من بلده فاتصلت محنته إلى أن وافى الحضرة طالبا للتصرف فتعذر عليه حتى تلف جوعا فسأل عن عمل يعمله ليلا بيديه ليتوفر نهارا عن طلب التصرف وينفق من أجرة ما يكسبه ليلا فأرشد إلى حداد يعمل بالليل فقصده فاستأجره بدرهم في كل ليلة فكان يعمل معه هو وغلام آخر يضربان بالمطرقة فأفسد ذلك الغلام على الحداد نعلا كان يطرقها فاغتاظ عليه فرماه بالنعل الحديد فوقعت على قلبه فتلف في الحال فهرب الحداد وبقيت أنا في الموضع متحيرا لا أدرى أين أمضى وأحس الحارس بما أنكره في الدكان فهجم فوجد الغلام ميتا ووجدني قائما فلم يشك أنى القاتل فقبض على فحبست ثم تتقارب الروايتان * وحدثني أبو محمد المصلحي قال: حدثني أبو بكر محمد بن علي المارداني بمصر وكان شيخا جليل عظيم الحال والنعمة والجاه قديم الرياسة والولايات الكبار للأعمال وقد وزر لخمارويه بن أحمد بن طولون وتقلد مصر مرات وعاش نيفا وتسعين سنة ومات في سنة نيف وأربعين وثلاثمائة (قال): لما كتبت لخمارويه كنت حدثا فركبتني الاشغال وقطعتني ترادف الأعمال عن تصفح أحوال