تنحى عن طريقهم فلما رأوه بطيلسان بادروا إليه وقالوا له: أتعرف منزل رجل يقال له أبو حسان الزيادي؟ فقال أنا هو. فقالوا له: أجب أمير المؤمنين، وحمل فدخل على المأمون فقال له من أنت؟ قال رجل من أصحاب أبي يوسف القاضي من الفقهاء. قال بأي شئ تكنى؟ قال: بأبي حسان.
قال: بمن تعرف؟ قال: فقلت بالزيادي. ولست منهم إنما سكنت بينهم فنسبت إليهم. فقال: قصتك فشرحت له خبري. قال فبكى بكاء شديدا ثم قال ويحك ما تركني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنام الليلة بسببك إذ أتاني في أول الليل فقال: أغث أبا حسان الزيادي فانتبهت ولم أعرفك، وأثبت اسمك ونسبك ونمت فأتاني. فقال كمقالته فانتبهت منزعجا. ثم نمت فأتاني وقال ويحك أغث أبا حسان. فما تجاسرت على النوم وأنا ساهر منذ ذلك الوقت وقد بثثت الناس في طلبك ثم أعطاني عشرة آلاف درهم فقال هذه للخراساني. ثم أعطاني عشرة آلاف درهم أخرى فقال اتسع بها، وأصلح أمرك، وأعمر دارك واشتر مركبا سريا وثيابا حسنة وعبدا يمشى بين يدي دابتك، ثم أعطاني ثلاثين ألف درهم فقال جهز بناتك بهذه وزوجهن فإذا كان يوم الموكب فصر إلى لأقلدك عملا وأحسن إليك. قال فخرجت والمال محمول معي فجئت إلى مسجدي فصليت الغداة والتفت فإذا الخراساني فأدخلته إلى البيت وأخرجت بدرة فقلت: خذ هذه. فلما رآها قال: ليس هي عين مالي. فقلت: نعم. فقال: ما سبب هذا الامر؟ فقصصت عليه القصة فبكى وقال: والله لو صدقتني في أول الأمر عن خبرك ما طلبتك بها، وأما الآن فوالله لا دخل مالي شئ من مال هؤلاء، وأنت في حل. وقام فانصرف فأصلحت أمرى وبكرت يوم الموكب إلى باب المأمون فأدخلت عليه وهو جالس جلوسا عاما فلما مثلت بين يديه استدناني ثم أخرج عهدا من تحت مصلاه فقال: هذا عهدك على قضاء المدينة الشرقية من الجانب الغربي من مدينة السلام، وقد أجريت عليك في كل شهر كذا. كذا. فاتق الله تدم لك عناية رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فعجب الناس من كلامه وسألوني عن معناه فأخبرتهم الخبر فانتشر فما زال أبو حسان قاضى