والله يقول: النفس بالنفس 1 والحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى 2.
1 - قال الله تعالى في سورة المائدة: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس (أنظر آية 45) ".
2 - من آية 178 سورة البقرة.
بقي هنا شئ وهو أن اعتراض المصنف (ره) على حكم الخليفة بقتل خمسة نفر أو سبعة نفر وعلى قوله: " لو اجتمع عليه أهل صنعاء لقتلتهم به " بقوله: والله يقول: النفس بالنفس ظاهر بل صريح في أن هذا الحكم حكم على خلاف ما أمر الله به ونظيره اعتراض أبي جعفر محمد بن علي بن النعمان الكوفي المعروف بمؤمن الطاق على أبي حنيفة النعمان بن ثابت المشتهر بالإمام الأعظم على ما نقله المفيد (ره) في الإختصاص ونص عبارة المناظرة بينهما هذه (أنظر ص 111 من طبعة مكتبة نشريات الصدوق): " و أنه (أي عمر) قتل سبعة نفر من أهل اليمن برجل واحد وقال: لو ما لا عليه أهل صنعاء لقتلتهم به والأمة على خلافه ".
وقد قال شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - قدس الله روحه القدوسي - في كتاب الجنايات من الخلاف (أنظر مسألة 14 من مسائل الجنايات ص 135 - 136 من الطبعة الأولى سنة 1370، أو ص 345 - 346 ج 2 من الطبعة الثانية سنة 1382 بنفقة الحاج محمد حسين كوشانپور):
" مسألة - إذا قتل جماعة واحدا " قتلوا به أجمعين بشرطين أحدهما أن يكون كل واحد منهم مكافئا له أعني إذا انفرد كل واحد منهم بقتلهقتل وهو أن لا يكون فيهم مسلم مشارك للكفار في قتل كافر ولا والد شارك غيره في قتل ولده والثاني أن يكون جناية كل واحد منهم لو انفرد بها كان منها التلف فإذا حصل هذا في الجناة والجناية قتلوا كلهم به وبه قال في الصحابة علي - (ع) - وعمر بن الخطاب والمغيرة بن شعبة وابن عباس وفي التابعين سعيد بن المسيبوالحسن البصري وعطاء وفي الفقهاء مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق إلا أن عندنا أنهم لا يقتلون بواحد إلا إذا رد أولياؤه ما زاد على دية صاحبهم ومتى أراد أولياء المقتول قتل كل واحد منهم كان لهم ذلك ورد الباقون على أولياء هذا المقاد منه ما يزيد على حصة صاحبهم ولم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء وقال محمد بن الحسن: القياس أن لا يقتل جماعة بواحد ولا تقطع أيد بيد إلا أنا تركنا القياس في القتل للأثر وتركنا الأثر في القطع على القياس وذهبت طائفة إلى أن الجماعة لا تقتل بالواحد لكن ولي المقتول بقتل منهم واحدا " ويسقط من الدية بحصته ويأخذ من الباقين الباقي من الدية على عدد الجناة ذهب إليه في الصحابة عبد الله بن الزبير ومعاذ وفي التابعين ابن سيرين والزهري وذهبت طائفة إلى أن الجماعة لا تقتل بالواحد ولا واحد منهم ذهب إليه ربيعة بن أبي عبد الرحمن وأهل الظاهر داود وأصحابه.
دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قوله تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ومعناه أنه إذا علم أنه إذا قتلقتل لا يقتل فيبقى الحياة فلو كانت الشركة تسقط القصاص لبطل حفظ الدم بالقصاص لأن كل من أراد قتل غيره شاركه آخر في قتله فبطل القصاص وقال الله تعالى: ومن قتلمظلوما " فقد جعلنا لوليه سلطانا " فلا يسرف في القتل، ومن قتله ألف أو واحد فقتلمظلوما " فوجب أن يكون لوليه سلطان في القود به. وروى أبو شريح الكعبي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتل من هذيل وأنا والله عاقلته فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية ولم يفصل بين الواحد والجماعة وهو إجماع الصحابة روي عن علي - عليه السلام - وعمرو ابن عباس والمغيرة.
وروى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطابقتل نفرا " خمسا " أو سبعا " برجل قتلوه قتل غيلة وقال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا ". وروي عن علي (ع) أنه قتل ثلاثة قتلوا واحدا "، وعن المغيرة بن شعبة أنه قتل سبعة بواحد، وعن ابن عباس أنه إذا قتل جماعة واحدا " قتلوا به ولو كانوا مائة ".
فمن أراد التحقيق في المسألة فليخض فيه فإن المقام لا يسع أكثر من ذلك.