1 - كأن المراد بالشراب هنا النبيذ وذلك لما يستشم من استدلال المصنف (ره) " وكان أحب الشراب إليه النبيذ " ولما صرح به المؤرخون وعلماء السير فقال ابن عبد البر في الإستيعاب عند البحث عن مقتل عمر (ص 419 من طبعة حيدر آباد) ما نصه:
" وقال: ادعوا لي الطبيب فدعى الطبيب فقال: أي الشراب أحب إليك؟ - قال: النبيذ فسقي نبيذا " فخرج من بعض طعناته فقال الناس: هذا دم، هذا صديد، قال: اسقوني لبنا، فسقي لبنا "، فخرج من الطعنة فقال له الطبيب: لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلا فافعل ".
وقال الطبري ضمن ذكره مقتل عمر ما نصه (ص 23 ج 5): " قال: فقيل له: يا أمير المؤمنين لو دعوت الطبيب قال: فدعي طبيب من بني الحارث بن كعب فسقاه نبيذا فخرج النبيذ مشكلا قال: فاسقوه لبنا "، قال: فخرج اللبن أبيض، فقيل له: يا أمير المؤمنين اعهد، قال: قد فرغت ". وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ضمن الكلام في مقتل عمر تحت عنوان " فأما تاريخ موته " (ج 3 من طبعة مصر سنة 1329 ص 144): " فقال: أرسلوا إلى طبيب ينظر جرحي، فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا " فخرج من الجرح فاشتبه عليهم الدم بالنبيذ ثم دعوا طبيبا " آخر فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة صلدا " أبيض فقال الطبيب: اعهد يا أمير المؤمنين عهدك فقال: لقد صدقني ولو قال غير ذلك لكذب، فبكى عليه القوم ". وقال أيضا ": (ص 145): " فاحتمل إلى بيته وانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول: لا بأس عليه، و قائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه فعلموا أنه ميت " ويقرب مما ذكر عبارات غيرهم.
فليعلم أن لابن عبد ربه تحقيقا " نفيسا " في العقد الفريد تحت عنوان " الفرق بين الخمر والنبيذ " فقال: " أول ذلك أن تحريم الخمر مجمع عليه لا اختلاف فيه بين اثنين من الأئمة والعلماء وتحريم النبيذ مختلف فيه بين الأكابر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين حتى لقد اضطر محمد بن سيرين مع علمه وورعه أن يسأل عبيدة السلماني عن النبيذ (إلى آخر بحثه الطويل الدقيق المفيد الجامع للأطراف) فإن شئت إن تراجعه فراجع أواخر الكتاب أعني أواخر فرش كتاب الفريدة الثانية فإن المبحث موضوع لبيان الطعام و الشراب فانجر الكلام إلى الخمر المحرمة في الكتاب فخاض في التحقيق بما لا مزيد عليه.
وأنت خبير بأن ما أشرنا إليه للاطلاع على من أراد الوقوف على مذاهب المسلمين في هذا المطلب وإلا فحكم النبيذ والخمر وغيرهما عند الشيعة فليطلب من كتب فقهاء الشيعة الآخذين بأحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام فإن المعتمد والمتبع عندهم ما ذهبت إليه أئمتهم المعصومون هو معلوم عندهم ومذكور في كتبهم فلا حاجة بنا إلى الخوض في ذلك.