قال 1: لولا أني أخاف أن يقال: زاد عمر في القرآن، أثبت هذه الآية، فإنا كنا نقرأها على
١ - فليعلم أن الخوض في ذكر أخبار هذا المطلب يحتاج إلى بسط لا يسعه المقام مضافا " إلى أني لا أحب البسط في هذا الموضوع فأكتفي بما ذكره السيوطي في الإتقان وذلك أنه قال في الكتاب المذكور تحت عنوان " النوع السابع والأربعون في ناسخه ومنسوخه " ضمن ما قال (ص ٢٥ - ٢٦ من الجزء الثاني من طبعة مصر سنة ١٣٦٨) فإن فيما ذكره كفاية للمكتفي وهو قوله:
" الضرب الثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه وأمثلة هذا الضرب كثيرة قال أبو - عبيدة: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم:
قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر، وقال: حدثنا ابن أبي مريم عن ابن أبي لهيعة عن ابن الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن. وقال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب: كائن تعد سورة الأحزاب؟ - قلت: اثنتين وسبعين آية وثلاثة وسبعين آية قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم، قلت وما آية الرجم؟ قال: إذا زنا الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم وقال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة. وقال: حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حميدة بنت أبي يونس قالت: قرأ عن أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " وعلى الذين يصلون الصفوف الأول، قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف. وقال: حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أوحى إليه أتيناه فعلمنا مما أوحي إليه قال: فجئت ذات يوم فقال: إن الله يقول: إنا أنزلنا المال لأقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو أن لابن آدم واديا " لأحب أن يكون إليه الثاني، ولو كان إليه الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين ومن بقيتها: لو أن ابن آدم سأل واديا " من مال فأعطيه سأل ثانيا "، وإن سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا،، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب، وأن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية والنصرانية ومن يعمل خيرا " فلن يكفره، وقال أبو - عبيدة: حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها: إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمني واديا " ثالثا " ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال: كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات نسيناها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة. وقال أبو عبيدة: حدثنا حجاج بن سعيد عن الحكم بن عتيبة عن عبد بن عدي قال قال عمر:
كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت: أكذلك؟ - قال: نعم.
وقال: حدثنا ابن أبي مريم عن نافع بن عامر الجمحي حدثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لا نجدها، قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن. وقال: حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم تكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك فقال ابن مسلمة: الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون * والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال: قرأ رجلان سورة قرأهما رسول الله صلى الله عليه وآله فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرا ذلك له فقال: إنها مما نسخ فالهوا عنها. وفي الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة: الذين قتلوا وقنت يدعو على قاتليهم قال أنس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع: أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا. وفي المستدرك عن حذيفة قال: ما تقرؤن ربعها يعني براءة. قال الحسين بن المناري في كتابه الناسخ والمنسوخ: ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد ".
أقول: قد خاض السيوطي في الدر المنثور في أوائل تفسير سورة الأحزاب في نقل أحاديث كثيرة في خصوص آية الرجم المشار إليها فيما مر من كلمات العلماء إلا أن الأخبار كلها من قبيل ما تقدم في مطاوي الباب فمن أرادها فليراجع ج ٥، ص ١٧٩ - ١٨٠.
وأنت خبير بأن الاعتقاد بمضامين هذه الأخبار الساقطة في نظر أهل التحقيق عن درجة الاعتبار مما يثلم بنيان الدين ويهدم أركان اليقين ويذهب بهاء الإسلام ويكدر مناهل الأحكام نعوذ بالله من ذلك وخاض في تحقيق هذا المطلب جماعة من حملة لواء الشيعة وحفظة ناموس الشريعة ومنهم الشيخ جواد البلاغي - قدس الله روحه ونور ضريحه - فإنه أحسن في التحقيق وأجاد وجاء بما فوق المراد فعليك بتفسيره آلاء الرحمن، والمطلب معنون فيه بعنوان " بعض ما ألصق بكرامة القرآن الكريم " (أنظر ج 1، ص 19 - 29) فإن فيه كفاية للمكتفي.