كان يقتل كافرهم ويدع مؤمنهم، وأما الخمس فزعمنا أنه لنا وزعم قوم 1 أنه ليس لنا، فصبرنا، وإني أخبرك أن جميع الناس في حرج 2 من خمسنا إلا شيعتنا 3 الطيبين
١ - في الأصل: " قومنا ".
٢ - في الأصل: " جرح ".
٣ - هذه العبارة لا تشبه كلام ابن عباس بل تقتضي صدورها عن الأئمة فتدبر وراجع مظانها.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الحديث مما أطبق على نقله الفريقان فلا بد من الإشارة إلى موارده فنقول: قال السيوطي في الدر المنثور في تفسير قول الله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى، الآية " (ج ٣، ص ١٨٦): " وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله فكتب إليه إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا: قريش كلها ذو وقربى. وأخرج ابن أبي - شيبة وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى الذين ذكر الله؟ فكتب إليه إنا كنا نرى أنا هم فأبى ذلك علينا قومنا وقالوا: ويقول: لمن تراه؟ فقال ابن عباس: هو لقربي رسول الله صلى الله عليه وآله قسمه لهم رسول الله وقد كان عمر - رضي الله عنه - عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم، وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك " أقول: هو مذكور في كثير من غير ما ذكره السيوطي من الكتب المعتبرة عند العامة أيضا " منها كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٤ فإنه أورده في كتابه المذكور ضمن ما ذكره تحت عنوان " باب سهم ذي القربى من الخمس " بثلاثة أسانيد (أنظر ص ٣٣٢ - ٣٣٥) والخوض في ذلك يقتضي مجالا واسعا " فنكتفي ببعض ما نقله مسلم في صحيحه في " باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم، والنهي عن قتل صبيان أهل - الحرب " بهذه العبارة: " حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما " ما كتبت إليه كتب إليه نجدة أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟ فكتب إليه ابن - عباس: كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم؟ فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتيم، وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنا كنا نقول: هو لنا فأبى علينا قومنا ذاك. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبةوإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن حاتم ابن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خلال بمثل حديث سليمان بن بلال غير أن في حديث حاتم وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم - يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان إلا أن تكون تعلم ما علم الخضر من الصبي الذي قتل.
وزاد إسحاق في حديثه عن حاتم: وتميز المؤمن فتقتل الكافر وتدع المؤمن ". فذكره بأربعة أسانيد أخر وفي عبارات متن الحديث أيضا اختلاف يسير فمن أراد ما تركناه فليراجع ج ٥ من طبعة قسطنطينية سنة ١٣٣٢، ص ١٩٧ - ١٩٩).
وأما كتب الشيعة فممن نقل الحديث منهم في كتابه الشيخ أبو جعفر الصدوق فإنه أورد الحديث في باب الأربعة من الخصال (أنظر ص ١١١ - ١١٢ من الطبعة الأولى أو ص ٢٣٥ من طبعة مكتبة الصدوق) ونص عبارته هكذا:
" حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان الناب عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن أربعة أشياء هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بالنساء؟ وهل كان يقسم لهن شيئا "؟، وعن موضع الخمس، وعن اليتيم، متى ينقطع يتمه؟ وعن قتل الذراري فكتب إليه ابن عباس: أما قولك في النساء فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحذيهن ولا يقسم لهن شيئا "، وأما الخمس فإنا نزعم أنه لنا وزعم قوم أنه ليس لنا، فصبرنا، وأما اليتيم فانقطاع يتمه أشده وهو الاحتلام إلا أن لا تؤنس منه رشدا " فيكون عندك سفيها " أو ضعيفا " فيمسك عليه وليه، وأما الذراري فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله يقتلها وكان الخضر - عليه السلام - يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم فإن كنت تعلم منهم ما يعلم الخضر فأنت أعلم " ونقله المجلسي عن الخصال في المجلد العشرين من البحار في باب أصناف مستحقي الخمس (أنظر ج ٢٠ من طبعة أمين الضرب ص ٥١).
وروى العياشي في تفسيره عند تفسيره الآية عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله - عليه السلام - (ص ٦١، ج ٢) قال: سمعته: أن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن موضع الخمس لمن هو؟ - فكتب إليه أما الخمس فإنا نزعم أنه لنا ويزعم قومنا أنه ليس لنا، فصبرنا " ونقله المجلسي عن تفسير العياشي في باب أصناف مستحقي الخمس من المجلد العشرين من البحار (أنظر ص ٥٢ من طبعة أمين الضرب) وكذا السيد هاشم البحراني في تفسير البرهان في تفسير آية الخمس (ج ١ ص ٤٠٠ من الطبعة الأولى).
قال علم الهدى في الشافي فيما اعترض به على القاضي عبد الجبار ضمن البحث عن الخمس ما نص عبارته (ص ٢٥٥ من طبعة إيران): " وروى يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن الخمس لمن هو؟ قال: فكتب إليه: كتبت تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنا كنا نزعم أنه لنا فأبى قومنا علينا بذلك فصبرنا عليه " وذكره الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي (أنظر ص ٤٣٧ من طبعة إيران أو طبعة النجف ج ٤، ص ١٨) وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بعد نقل كلام السيد معترضا عليه ما نصه (ج ٣ طبعة مصر، ص ١٥٥): " والرواية المذكورة عن ابن عباس في كتابه إلى نجدة الحروري صحيحة ثابتة وليس فيها ما يدل على مذهب المرتضى من أن الخمس كله لذوي القربى لأن نجدة إنما سأله عن خمس الخمس لا عن الخمس كله ".